كشفت آخر الأرقام أن الاستثمارات المصرية بالجزائر تجاوزت 4 مليارات دولار، وسط توقعات ببلوغها 5 مليار دولار في هذا العام ، كما احتلت مصر المرتبة الأولى في الاستثمارات خارج المحروقات، هذه الأرقام تدعونا للبحث في أسباب ودوافع إقبال رجال الأعمال المصريين المتزايد على الاستثمار المباشر في الجزائر وبشكل لم يحدث حتى مع دول الجوار. ------------------------------------------------------------------------ الجزائر وجهة جديدة للمستثمر المصري ------------------------------------------------------------------------ فسر خبراء هذا التوجه بأنه جاء نتيجة تشبع السوق المصري بالاستثمارات المحلية نسبيا، في بعض المجالات التي شهدت نموا كبيرا وأصبح أصحابها في حاجة الى تجاوز الحدود والاستثمار في الخارج كمرحلة طبيعية في حياة أي مشروع ناجح، وجاء اختيار الجزائر في لحظة أعلنت فيها الحكومة المصرية سياسة جديدة للطاقة للمصانع كثيفة الاستخدام لها مما ولد حافزا إضافيا للتوجه إلى بلد كالجزائر لا تزال لديها مميزات، كما يشهد الاقتصاد الجزائري انطلاقات تفتح كل يوم مزيدا من الفرص حيث رصد محللون مصريون تحسن أحوال الجزائر الاقتصادية منذ منتصف التسعينات نتيجة الإصلاحات التي جرت واتجاه الجزائر إلى تركيز جهودها لتنويع مصادر الاقتصاد من خلال للاستثمار الخارجي خارج قطاع الطاقة مستهدفة جذب استثمارات بنحو 100 مليار دولار بحلول عام ,2009 وأكد الخبراء أن أكثر القطاعات المرشحة للاستثمار في الجزائر والتي تشهد إقبالا كبيرا من المستثمرين المصريين هي مجالات الحديد والاسمنت والأسمدة والبتروكيماويات والاتصالات الى جانب المقاولات. وفي وقت سابق عبر سمير رضوان عضو مجلس أمناء هيئة الاستثمار والمدير السابق لمنتدى بحوث الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عن أسباب التوجه المصري للاستثمار في الجزائر يقوله ، ان المؤسسات الدولية وبيوت التمويل أصبحت تشجع الاستثمار في الجزائر وذلك بعد أن قطعت شوطا طويلا في طريق الإصلاح الاقتصادي، وأشار إلى أن الجزائر تتمتع بثروات طبيعية متعددة تجعلها في مقدمة الدول الجاذبة للاستثمارات الخارجية خاصة في مجال البتروكيماويات والعقارات، فضلا عن توافر الخبرات الفنية ، مشيرا الى ان هذه العوامل جعلت الجزائر مؤهلة لاستقبال استثمارات، واعتبر رضوان ان توجه الاستثمارات المصرية مؤخرا الى الجزائر لا يعني هروبا لرؤوس الأموال من مصر. من جانبه أكد الدكتور شريف الجبلي رئيس غرفة الكيماويات باتحاد الصناعات على تمتع الجزائر بمقومات جاذبة للاستثمار يأتي في مقدمتها توافر أسعار الغاز بأسعار رخيصة وكذلك الخامات الطبيعية إلى جانب موقعها الجغرافي الذي يوفر فرص التصدير للمستثمر الى أسواق اوروبا. وكشف الجبلي عن تقدمه بطلب الى هيئة الاستثمار الجزائرية لإقامة مصنع للأسمدة باستثمارات تتجاوز 300 مليون دولار، مستفيدا من انخفاض أسعار الغاز الطبيعي، مشيرا إلى أن ارتفاع أسعار الطاقة مستقبلا لن يكون ذا تأثير على المشروعات الاستثمارية التي حصلت على الترخيص لأنها تتم وفقا لعقود زمنية محددة، بينما أكد علي دقلة نائب رئيس مجلس الأعمال المصري الجزائري ان المستقبل يحمل المزيد من الفرص الاستثمارية للشركات المصرية التي تسعى لفتح أسواق تصدير لها في الجزائر، وأوضح أن الجزائر تمتلك قطاعا صناعيا مهما يضم الصناعات النفطية والكهربائية والبتروكيماويات وصناعة السماد وعصر الزيوت بما يشجع المستثمر المصري للدخول في هذا السوق ، هذه الحركية المصرية الجزائرية في الجانب الاقتصادي جاءت كترجمة فعلية للعلاقات المميزة والاستثنائية التي تربط بين البلدين والشعبين الجزائري ونظيره المصري . ------------------------------------------------------------------------ التاريخ .. جامع آخر مشترك بين البلدين ------------------------------------------------------------------------ لم تكن ثورة الجزائر التحريرية التي انطلقت في الأول من نوفمبر 1954 ثورة عادية كبقية الثورات التي سادت المنطقة العربية وذلك بسبب العقلية الاستعمارية الفرنسية آنذاك والتي كانت قد أعلنت منذ احتلالها للجزائر عام 1830 أن الجزائر جزء لا يتجزأ من الأراضي الفرنسية ، عقلية متزمتة شجعت الهجرة الأوربية الي الجزائر وفتحت أبواب الهجرة بالذات أمام الفرنسيين حتي بلغ عدد المستوطنين عند استقلال الجزائر حوالي مليوني مستوطن ، وقد أجبرت السلطات الاستعمارية المواطنين الجزائريين التنازل عن أراضيهم للفرنسيين، ونتيجة لكل ذلك فقد تداعي عدد من المجاهدين وقرروا تفجير ثورة مسلحة باعتبارها الطريق الأفضل لنيل الحرية والاستقلال بعد أن فشلت جميع المحاولات السلمية. ويؤكد المؤرخون أن هناك عدة عوامل تضافرت وساهمت في تفجير الثورة في ذلك الوقت بالذات وأهمها بلوغ حركة التحرر الوطني الجزائرية مرحلة عالية من النضج والجاهزية وحلول اللحظة الثورية الحاسمة على أنقاض تراكم إخفاقات نحو ربع قرن من النضال السياسي، لم يعد بعدها تأجيل المواجهة المسلحة أمرا قابلا للتبرير، إلى جانب هزيمة الجيش الفرنسي وهو القوة المستعمرة للجزائر في معركة ديان بيان فو بالفيتنام أمام مقاتلين آسيويين بإمكانيات بسيطة وهم في كل الأحوال ليسوا أحسن من الجزائريين. كما وجدت الثورة الجزائرية دعما كبيرا من طرف الأشقاء العرب، وتقدمهم في ذلك الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر فقد كان يرى في ثورة الجزائر بزخمها وبعنفوانها وعطائها بوابة لتحرير إفريقيا والوطن العربي وبقية الشعوب المقهورة، ويرى فيها الآلة الجبارة التي تشتغل على مدار الساعة في حفر قبر النظام الاستعماري العالمي وتعزيز قدرات قوى التحرر التي ستنتصر في نهاية المطاف مهما كانت التضحيات. وانطلاقا من هذا الموقع كانت الثورة الجزائرية على مدى سبع سنوات ونصف السنة التي استغرقتها أكبر هموم الرئيس عبد الناصر وأهم خانة في أجندته إذا استثنينا فترة عصيبة مرت بها مصر والأمة العربية جراء العدوان الثلاثي عام ,1956 فقد تابع خطواتها يوما بيوم وحدثا بحدث وأصدر الأوامر بفتح جميع القنوات التي من شأنها تقديم العون للثوار ماديا ودبلوماسيا وإعلاميا وسخر ثقل مصر ومكانتها لكسب التأييد للقضية الجزائرية في المحافل الدولية، وتقابل مع ممثليها أكثر مما جلس الى غيرهم من القادة والسياسيين، وبعد استقلال الجزائر شاركت الجزائر في حربي 67 و 73 ، وقد كانت الجزائر من أوائل الدول التي ساعدت في حرب أكتوبر ,1973 وقد شاركت بالفوج الثامن للمشاة الميكانيكية ، ونتج عنها اختلاط الدم الجزائري والمصري على ارض سيناء.