"بصمة كل الازمنة''فيلم افريقي قصير للغينية فلورا جومس عرض مؤخرا برياض الفتح وهو من الافلام الجادة وما اقلها في رصيد السينما الافريقية ..فيلم خال من التوابل المالوفة فلا رقصات خليعة ولا اغاني رخيصة،فهو يحمل فكرا ويواجه مشكلة الانسان الافريقي في محاولته المستمرة لتجاوز المعاناة التي يتكبدها هذا الزنجي ، وكذا التحولات التي تحدث داخل العقل والقلب الافريقي...فيلم يناضل ضد لغة الفساد بجراة غير معهودة .. جراة قلما نجدها في السينما الافريقية رغم ان هذا الفن بامكانه تقديم الكثير لقضايا التحرر الافريقية ...معظم الافلام المبرمجة في اطار المهرجان الثقافي الافريقي الثاني تحمل ضبابية المضمون.. كونها لا تتطرق الى قضيتها الاساسية في العمق . الهروب من الواقع المرير الذي اجتازته القارة السمراء ليس امرا يسيرا ، خصوصا وقد تحالفت علينا قوى التدمير والخراب بكل انواع الاسلحة المتوفرة ومن كل الاتجاهات ومن الاصدقاء قبل الخصوم. وكان طبيعيا ان يختل توازننا الفني قبل النفسي، بعد ان حفرت الاحداث والنزاعات الخطيرة التي تعاني منها افريقيا في دارفور، وجمهورية الكونغوالديمقراطية، وساحل العاج، الصومال ، رواندا،ايريتريا ... جروحها في الذاكرة الافريقية بسكين صدئة. ..لكن ليس لدرجة الاغفال. ان الثقافة وحدها قادرة على تحريك عصب التطور فالمثقفون في الأمم هم الذين يقودون دفة أوطانهم إلى الازدهار والرقي والتطور, فمثلاً أوربا ما ازدهرت إلا بعد تحرك وتصميم المثقفين على تطويرها ، فطورت العقول، وصنعت الطائرات والسيارات والصواريخ والدبابات ...في الوقت الذي كان فيه مثقفو القارة السمراء يركضون وراء شهواتهم ..ومصالحهم .. متناسين بذلك أغلى جوهرة في قارتهم قضيتهم الاساسية ..فشتان شتان بين مثقفينا ومثقفيهم وهمنا وهمهم وعقولنا وعقولهم.. فمتى يصبح تفكير مثقفينا ينصب في الرقي ببلادنا لتصبح في مصاف الدول الصناعية بدل أن نكون في مصاف الدول الشهوانية التي لاتفكر إلا في ...؟