من بين المساجد المنتشرة عبر الجزائر العاصمة والتي هدمتها الإدارة الفرنسية مسجد ''سيدة''. ويعد هذا الأخير من أهم مساجد الجزائر في ذلك الوقت حيث كان يرتاده الحكام والقادة. يقع هذا الصرح الديني المندثر عن بكرة أبيه على يد السلطات الفرنسية الذي أمرت بهدمه، على خلفية -واهية -أنه يحوي تحت أسسه كنزا عظيما، بساحة الشهداء مقابل المدخل الرئيسي لقصر حاكم الجزائر سليم تومي، وقد اكتشفت آثاره مؤخرا بعد الحفريات التي قامت بها فرقة بحث فرنسية بالتنسيق مع وزارة الثقافة الجزائرية. جاء ذكر المسجد في كتاب ''هايدو'' سنة 1581 الذي ذكر المساجد السبعة المهمة في مدينة الجزائر القديمة ولم يعثر بعد على تاريخ بنائه، إلا أن هناك من المؤرخين من يقول إنه تابع لإمارة أمازيغية، وأقدم وثيقة جاء فيها ذكره تعود إلى سنة .1564 يقع مسجد سيدة بالضبط، حسب ما أوردته بعض الوثائق التاريخية وكما جاء في كتاب ''مساجد مدينة الجزائر'' لصاحبه الدكتور مصطفى بن حموش، في سوق الخضار بباب عزون في مدخل ساحة الشهداء، فيما أشارت مصادر أخرى إلى أنه قريب من دار السكة (ضرب النقود). وقد أعيد بناء المسجد الذي لم يبق منه إلا اسمه في القرن الثاني عشر الهجري على يد الحاكم محمد باشا الذي دام حكمه 25 سنة أي من 1179 الموافق ل ( 1765 - 1766 ) إلى 1205 الموافق ( 1790- 1791 ). وقد انتهت الأشغال به سنة 1185 المواقف ل .1784 وخلال إعادة بنائه اشترى الباشا الحوانيت المحيطة بالمسجد بغرض توسيعه، بعدها بنى حوانيت أخرى جديدة على حواف المسجد. وقد اعتمد في وصف الجامع استنادا لابن حموش من أحد أقدم أعضاء الجمعية التاريخية الجزائرية ويدعى أوغست لودوي، على أنه لم يكن للمسجد أية ميزة من الخارج لكونه كان وسط مجموعة متداخلة من المباني، أما مدخله فكان من الجهة الغربية مقابل المدخل الرئيسي لساحة القصر - حاكم الجزائر- وكانت المئذنة تقع عند الزاوية الشرقية. وقد كانت مئذنته مزينة بصفوف بالأخضر والأصفر والأبيض، وكانت تعلوه في الوسط قبة كبيرة تستند إلى حوالي 20 عمودا من الرخام الأبيض. وبعد هدمه تم نقل أجزاء منه إلى مساجد العاصمة (منبر جامع الجديد بالعاصمة وكذا الأقواس ونافورة الماء إلى الجامع الكبير). ورغم شهرة هذا الجامع الا انه لم تكن له أحباس كثيرة . يعتبر هذا المسجد من أهم المباني التي قامت فرنسا بهدمهما بغرض توسيع الطريق وكذلك لفرض سيطرتها على المدينة تحسبا لأي مقاومة أو أية هجومات مضادة، وقد هدمت القبة والواجهات كلها والمسجد كله سنة 1830 لكن المئذنة بقيت صامدة لمدة عامين بسبب قوة الإحكام في بنائها مما اضطر الفرنسيين لتهديمها حجرة بحجرة، ولما تعذر عليهم أمر تهديمها دفعة واحدة اهتدوا في الأخير إلى حيلة أخرى تسهل هدم المئذنة مرة واحدة قاموا بحفر أطراف المئذنة عند مستوى الأرض وكلما تم إحداث حفرة تملأ بالخشب، وعند الانتهاء من الأطراف الثلاثة تشعل النار في الأخشاب، وهكذا سقطت مئذنة جامع السيدة وتناثرت على الأرض.