سيطرت عدة مشاكل وأزمات على الفرد الجزائري دفعة واحدة جعلت منه عرضة لكثير من الأمراض النفسية والعصبية خاصة في العشرية الأخيرة التي تراوحت بين القلق والكآبة وتجاوزت ذلك في بعض الأحيان لتصل إلى حد الانهيار العصبي والجنون، فاتحة المجال لأمراض جديدة لم يعرفها المجتمع الجزائري من قبل. ذكر الدكتور''عزيزي'' أن المرأة أكثر عرضة للإصابة بالانهيار العصبي كونها أكثر حساسية وليس لها توازن وتطور في شخصيتها،. حيث تكون دوما مضطربة خاصة في أيامنا هذه مع الاختلاف والتذبذب وعدم التوازن الحاصلين في المجتمع بسبب تمازج الثقافتين الغربية والعربية وأضاف أن المرأة أصبحت تتقبل واقعها وتحاول مواكبة عصرنه الثقافة. إلا أنه وبالرغم من عمل المرأة ورغم كوننا في القرن الحادي والعشرين، إلا أن هناك من النسوة من يعانين من تسلط وضغط الرجل رغم أنه لا الديانة ولا القوانين تمنعها من أن تكون حرة، والمرأة لم تعد تتقبل ذلك كما كان الأمر في الماضي مما سبب كثرة الانهيارات العصبية في صفوف النساء. أما بالنسبة للرجال فتحدث الانهيارات العصبية بالدرجة الأولى نتيجة الأزمات الاقتصادية التي تعصف بالفرد وتجعله غير قادر على القيام بواجباته كرجل. أمراض نفسية ضاعفتها المشاكل والأزمات تطرق الدكتور ''عزيزي'' في حديثه معنا إلى تفاقم المشاكل الاجتماعية وتشعبها خاصة مع توسع العائلات وتشاركها في منزل واحد لما تشهده الجزائر من أزمة سكن، الأمر الذي اعتبر أنه يهز كيان المرأة بالدرجة الأولى، عكس ما نجده في البلدان الأخرى، حيث يتمتع كل واحد باستقلاليته في منزل منفرد، ما من شأنه أن يقلل من وطأة الضغوط والأزمات. 75 بالمائة من المرضى نساء أكد الدكتور ''عزيزي'' أنه ضمن الفئات التي تقصد عيادته للعلاج فبين كل 3 حالات هناك واحدة فقط للرجال، مما يعني أن 75 بالمائة من مرضاه نساء، أما عن النسبة الحقيقية والدقيقة يقول إنه يصعب إحصاؤها لأن هناك حالات مرضية تعرض على أطباء عامين رغم عجزهم عن معالجتها. إلا أنه وللأسف- يقول الدكتور- فإن الأفراد لا يُدركون حقيقة وخطورة الأمر، حيث يعالجهم الأطباء العامون بواسطة المهدئات التي لها آثار جانبية على صحة الإنسان، كونه يعتاد عليها ويدمنها، في حين أن طبيب الأعصاب يستعمل في علاجه مضادات الاكتئاب. واختصر أسباب الانهيار العصبي في غالب الأحيان. وبغض النظر عن الحالات التي يكون السبب فيها الأحداث الخطيرة سواء عائلية أو طبيعية أو وفاة شخص قريب كابن صغير السن أو موت عائلة بأكملها في حادث مروري أو زلزال أو حرب أو قتل إجرامي وتنكيل بالجثة، كل هذا يكون له وقع كبير على شخصية الأفراد ويسبب اضطرابها، مما يسهل حدوث اضطرابات عصبية أخرى مثل الهستيريا أو الوسواس القهري والأوهام والفوبيا ونقص النضج العاطفي أو تعرض الفرد لمشاكل الاعتناء به في طفولته، مما يسبب عوائق لتطور عاطفته، هناك حالات قلق وراثية يتم تناقلها عبر الأجيال، إضافة إلى القلق المكتسب من التربية والمحيط، وهناك أمراض نفسية نجمت عن حالات التعذيب خاصة فقد أظهرت النتائج والدراسات المختلفة أن نسبة 40 بالمائة من حالات الفحوصات كشفت عن الإصابة بحالات انهيارية وصلت نسبة النساء فيها إلى 75 بالمائة. العائلة بؤرة للتوتر النفسي والعصبي يؤكد الدكتور عزيزي أن ظاهرة الانهيارات العصبية عرفت ارتفاعا كبيرا منذ سنة 2003 خاصة بعد زلزال بومرداس، وذلك للتأثير النفسي الكبير الذي أحدثته الكارثة الطبيعية في نفوس المواطنين الذين فقدوا أقاربهم، كما كشف أن لمختلف العادات الاجتماعية والتقاليد آثارا سلبية على الأفراد داخل أُسرهم أدت في العديد من الأحيان إلى إصابتهم بالكآبة. وما زاد من تعقّد الوضعية غياب الحوار بين أفراد العائلة الواحدة في ظل أزمة انخفاض القدرة الشرائية التي يعاني منها أرباب الأسر، وهذه حسب الدكاترة المختصين كلها مشاكل يجب معالجتها من أجل التقليل من الظاهرة. وقد كشفت البحوث التي أجراها الأطباء أن أكثر من 65 بالمائة من الانهيارات العصبية المسجلة في الجزائر حدثت في الأوساط العائلية، مما ينبئ بخطورة الوضع الذي يستلزم دراسة معمقة للمجتمع الجزائري الذي ما زال لا يدرك عواقب الانعزال. الفورام تتكفل ب5بالمائة من ضحايا العشرية السوداء ذكر البروفيسور ''مصطفى خياطي'' رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث''فورام'' أنه تم التكفل ب 5 المائة فقط من الأطفال المصدومين ضحايا الأزمة الوطنية على مستوى التراب الوطني والبالغ عددهم، حسب إحصاءات الهيئة أكثر من مليون طفل. وأكد في حديثه انه، ومن خلال نتائج الدراسة التي أجريت على 1200 طفل من منطقة براقي، سيدي موسى والكاليتوس، منهم 120 بالغ و413 مراهق سنهم المتوسط 15 سنة، ممن كانوا ضحايا العنف والصدمات خلال العشرية السوداء وتم التكفل بهم طيلة 10 سنوات منذ افتتاح المركز سنة 1998 ، 50 بالمائة من الأطفال الذين تم التكفل بهم من قبل الهيئة والذين صاروا شبابا اليوم لا تزال عندهم أعراض الصدمات النفسية والانهيارات العصبية، وهي ما جعلتهم أكثر عرضة للاضطرابات والمشاكل السيكولوجية، كما أن 48 بالمائة من أولياء هؤلاء الأطفال بدورهم يعانون من آثار الصدمات بشكل قوي.