المرأة السودانية حتى وإن لازالت تتخبط في دوامة الجهل والأمية، إلا أنها تمكنت من افتكاك العديد من الحقوق في مختلف المجالات في السنوات الأخيرة، تقول عنها الدكتورة سمية أحمد روحة، ولاسيما فيما يتعلق بقانون الأسرة وتحديدا في باب الطلاق، فقد حققت في هذا الجانب ما لم تتمكن من تحقيقه وكسر قيوده في جوانب أخرى من جوانب حياتها، خاصة في التعليم والزواج لا لشيء فقط لأنها لا يمكن أن تتمرد على العادات والتقاليد، وإذا ما فعلت ذلك ينظر إليها نظرة مستهجنة غير مستحسنة من قبل الأهل والمقربين. حققت المرأة السودانية تقدما واضحا من الناحية القانونية، فقد تمكنت من اكتساب حقوق في مجال الطلاق تجعل منها وهي في حال الطلاق أفضل مما كانت عليه وهي متزوجة، غير أنها لم تتمكن من إتباع هذا التقدم الناجح بتقدمات أخرى في مجالات أخرى ولاسيما في مناطق شرق السودان الذي تجتمع قبائله في نقاط كثيرة حتى وإن اختلفت في بعض تفاصيلها. السوداني يعيل طليقته مهما كان وضعه المالي تقول الدكتورة سمية أحمد روحة بنت منطقة كسلا شرق السودان، في لقاء خصت به ''الحوار'' تناولت خلاله عادات أهل المنطقة، إن التعديلات الجديدة التي عرفها قانون الأحوال الشخصية السوداني، تجعل من الرجل السوداني يعيل طليقته ولا يعطي الفقير استثناءات في ذلك مهما كان وضعه الاقتصادي، فيهتم بالسكن والنفقة ومصاريف علاج أبنائه وزوجته أيضا، فالقانون الجديد يجبره على معاملة طليقته معاملة حسنة والوقوف على جميع احتياجاتها كما لو كانا متزوجين، فلا تقتصر نفقته على الأبناء وحسب وإنما على الزوجة المطلقة أيضا حيث يشتري لها مسكنا ويخصص لها مبلغا شهريا خاصا بها ومبلغا آخر خاصا بنفقة الأبناء، إلى جانب تدخله في توفير مصاريف العلاج إذا ما احتاجت طليقته لذلك أو أحد أبنائه. عادات زواج غريبة تقاليد شرق السودان صعبة جدا، تقول محدثتنا، ولا يمكن احتمالها فمهما بلغ الفرد من تلك المنطقة من تقدم علمي واقتصادي لا يمكنه أن يتخطى حدود تلك التقاليد. يحرص أهالي المنطقة على تزويج أبنائهم في سن مبكرة وذلك لحفظهم ولحرصهم على الإنجاب المبكر. وزواج الأقارب أمر مشهور عندهم ومن أسبابه ودوافعه الكفاءة بين الزوجين ورعاية الأقارب بعضهم لبعض فلا يسمحون للفتيان أن يتزوجوا من خارج القبيلة، ويحترم الشاب والدة زوجته ويعاملها معاملة خاصة، ومن عاداتهم في الزواج تقديم إعانات للعريس من الاهل والأصدقاء في صورة هدايا حتى تعينه علي أمر الزواج، وهي صورة من صور التكافل الاجتماعي عندهم. وتزوج البنت لابن عمها او ابن عمتها أو ابن خالها أو ابن خالتها، وإذا تقدم شخص للزواج لا تكفيه موافقة والد الفتاة بل يجب أن يستشار أقاربها، وإذا أعطى الرجل ابنته لشخص من غير موافقة الآخرين يتعرض للخصومة والمقاطعة وربما قتلوا العريس لأنهم يعتبرونه مستهينا ومستخفا بهم. كما أنهم لا يزوجونها من الغريب ما لم يكن رجل دين أو شخصا مشهورا بالخصال الحميدة فهم يقبلون تزويجه في هذه الحالة. وعلى عكس ما هو سائد في التقاليد العربية والجزائرية، فإن في شرق السودان، يتولى الرجل خطبة المرأة لابنه بعد أن يأخذ معه بعض الأجاويد، وموافقة أم البنت شرط أساسي. ولا يأكل الرجل مع زوجته أو مع أمها، والنسيبة لها احترام خاص عنده، ولا يتلفظ باسم زوجته وكذلك هي لا تلفظ اسم زوجها أو أبيه. أما عن تفاصيل مراسم الخطبة والزواج تقول، عندما يهم أحدهم بخطبة فتاة من أقاربه يقدم لها هدايا يهدف من خلالها إلى إعلام عائلتها ويجب أن يبكر في تقديمها حتى لا يسبقه أحد، ولا يرفض طلب المتقدم إذا رغب في الزواج من بنت خاله أو عمه إلا إذا كان هنالك سبب قوي يحول دون ذلك، ووسيلتهم في عرض مثل هذه المواضيع أن يلجأوا إلى القصص والروايات في توضيح مأربهم ويكون الرد بنفس الأسلوب، وإذا تمت الموافقة فأول ما يفعلونه تحديد موعد الزواج. وأول الواجبات التي يقوم بها الخاطب بعد الموافقة هو تقديم ثياب والسكر والبن وقدر من الحلوى والتمر والفول السوداني وتقدم هذه الأشياء لوالدة الفتاة فإن كانت موافقة على الزواج قبلتها وإن لم تكن موافقة عمل الجميع على إقناعها وترضيتها بشتى الوسائل كأن يعطوها نقودا وثيابا، وبعد قبول الطلب يقدم لوالدة العروس مبلغ من النقود تستعين بها في الإعداد للعرس ويبدأ العريس في الإعداد للزواج. أما عن مراسم الزواج، ففي الموعد المحدد للزواج يذهب أهل الزوج إلى مكان الاحتفال والنساء يحملن عددا من السعف تحزم بخيط من الصوف الأسود وعندما يقتربن من المكان تتعالى زغاريدهن، ويقتضي العرف أن تطوف والدة العريس حول منزل الزوجة وهي على بعيرها هي ومن معها يزغردن إعلانا للفرح والابتهاج، ثم يحدد مكان إقامة المنزل فيجرد العريس سيفه ويطوف حول المكان المحدد لإقامة المنزل إعلانا عن حمايته لزوجته، فتنحر الذبائح ويعد الطعام وهو عبارة عن عصيدة ولحم ومن واجبات النساء بالإضافة لإعداد الطعام بناء المنزل، وبعد إتمام بناء المنزل وإكمال مراسم الحناء يتم العقد في اليوم التالي. ...وحياة زوجية أغرب تقول سمية أحمد روحة إن المهور جد مرتفعة بالسودان ومع ذلك لا توجد نسبة كبيرة من العنوسة، لكن بالمقابل ترتفع نسبة الطلا، بسبب ارتفاع الفارق في السن بين الزوجين الذي يصل في أعلب الحيان إلى 40 سنة، حيث يكون متوسط عمر العروس عند الزواج 7 سنوات، وفي الكثير من الأحيان تطلق الفتاة دون دخلة وتوضح في هذا الصدد سمية أن 12 فتاة من عائلتها تطلقن بهذه الطريقة. كما تقوم المرأة السودانية باحتفال بطلاقها خاصة إذا ما عانت الأمرين خلال حياتها الزوجي وناضلت من أجل الحصول على الطلاق، فتقوم بالذبح والتكريم لدى تحررها من قبضة زوجها. ولا تحيا المرأة شرق السودان حياة زوجية عادية، إذ يقيم لها الزوج خيمة أو منزلا بالقرب من منزل أهلها وتلازمها والدتها دائما وصديقاتها ورفيقاتها من قريباتها وتغطين جميعهن رؤوسهن وأوجههن إذا ما دخل الزوج منزله، حيث لا يمكنه التعرف على زوجته من بين الحاضرات، وعليه ألا يخطئها وإلا أصبح موضع سخرية الجميع. 92 بالمائة من نساء شرق السودان أميات عدد اللواتي تعرفن القراءة والكتابة في منطقة شرق السودان قليل جدا، فجميع القبائل بهذه المنطقة حتى وإن اختلفت تقاليدها في بعض التفاصيل إلا أنها تجتمع في نقطة واحدة ، تمنع فيها المرأة من التعليم. وترتفع نسبة الأمية بين نساء المنطقة حسب ما أوضحته سمية روحة إلى 92 بالمائة. وهو ما لا يتقبله العقل إذ ما علمنا أن المرأة السودانية ولجت جميع المجالات، وتحقق نسب نجاح هامة وكبيرة في مجال التعليم مقارنة بالرجل، فمن بين 6 طلبة نجد فتاة واحدة تختار دراسة الطب، كما ان المرأة السودانية بلغت أعلى المناصب إذ تحتل اليوم منصب وزيرة ونقدر نسبة تواجدها بالمجالس المنتخبة ب 25 بالمائة من الناحية القانونية، بالرغم من أنها لا تشكل على أرض الواقع سوى 2 بالمائة بحكم الأعراف والتقاليد.