رغم الجهود المضنية التي قامت بها مصالح وزارة الداخلية بمعية أجهزة الشرطة وكذا البلديات قصد تطهير وتنظيم الأسواق والقضاء على الباعة الفوضويين وتجار الأرصفة ، إلا أن كل المحاولات لم تؤت ثمارها، بحيث لا تزال الأسواق العشوائية تنبت مثل '' الفطريات '' إلى درجة أنه من النادر أن تجد في شوارع مدننا من العاصمة إلى تمنراست ومن تلمسان إلى تبسة ، أرصفتها غير محتلة من قبل الباعة المتجولين . هذا الواقع الذي يشوه الشوارع والأحياء لا يعود إلى غياب الدولة عن مراقبة الأسواق مثلما قد يتصور البعض ، بدليل أن مصالح الأمن تتدخل يوميا ، وهي في كر وفر لمنع التجار غير الشرعيين من احتلال الأرصفة المخصصة للراجلين، بل إن موطن المرض يوجد في مكان آخر ما يزال بمنأى عن أعين الرقابة . لقد تحدث وزير التجارة عن وجود 6 آلاف مستورد حقيقي معتمد من أصل 32 ألف شركة لا تحمل سوى الاسم لكونها تشتغل في استيراد '' تايوان '' وتملأ الأسواق الوطنية بالسلع المغشوشة والمقلدة، وهي السلع التي توجه خصيصا لبيعها على الأرصفة لكونها لا تملك لا فواتير ولا تستجيب لمقاييس الجودة والنوعية . والغريب في الأمر أن هذه السلع التي تغزو الأسواق الوطنية خصوصا الفوضوية منها ، لم تشوه ديكور مدننا وشوارعنا ، وإنما شوهت صورة البلد في الخارج ، بحيث احتلت الجزائر المرتبة الثالثة عالميا بعد الصين وروسيا ، حسب تقرير أمريكي للتجارة الدولية ، للدول التي لا تحارب السلع المغشوشة والمقلدة. يحدث هذا بالرغم من أن الجزائر تمكنت سنة 2009 فقط من حجز ما يزيد عن مليون و 640 ألف منتوج مقلد . هذه المعطيات تعني أن أفضل محاربة لمنتوجات '' تايوان '' والسلع غير الأصلية ، لابد أن تكون في المنبع، أي عبر تشديد الرقابة في الموانئ والمطارات، وعبر مختلف بوابات الحدود البرية، وعدم انتظار وصول هذه المنتوجات المستوردة بين أيدي تجار الأرصفة ودخولها إلى الأسواق العشوائية، التي لا يمكن القضاء عليها دون غلق الباب أمام مصادر تمويلها . خارج غلق هذه المنافذ التي تتغذى منها الأرصفة ستبقى كل محاولات تنظيم وتطهير الأسواق الوطنية من الطفيليين ومن ظاهرة '' التراباندو '' عديمة الجدوى، وستجد مصالح الأمن نفسها تلعب من حيث لا تدري لعبة '' القط والفأر '' مع الباعة المتجولين وتجار الأرصفة ، في حين أن لها مهام أخرى غير الأسواق الفوضوية .