تغيرت يوميات الجزائريين مباشرة بعد صفارة نهاية الحكم الذي أدار مباراة الجزائر سلوفينيا، لم تعد هناك نكهة في متابعة باقي مباريات المونديال، لم تعد هناك رغبة في الحديث عن المنتخب، لم تعد هناك رغبة في العمل بعد اللقاء لم تعد الصحافة الوطنية مصدرا يثق فيه الجزائريون خاصة بعد أن قدموا الفريق على أنه سيمر حتما إلى الدور الثاني، لم تعد هناك رغبة في الحرقة، لم تعد هناك رغبة في الأكل الشهية انقطعت، لم تعد هناك رغبة في العمل. فماذا فعلت كرة القدم بالجزائريين لماذا كل هذا الإحباط بعد خسارة مباراة واحدة، رغم أن الفريق الوطني انهزم مرتين بثلاثيتين ثقيلتين في مبارتين وديتين، وانتقلت العدوى حتى إلى أعلى المسؤولين في الدولة من الوزراء وقرر الجميع انتظار المقابلة المقبلة المصيرية ضد المنتخب الإنجليزي. تغيرت لهجة الجزائريين أمس وسكن الخوف والترقب قلوبهم بعدما كان الطموح بالانتقال إلى الدول الثاني هو الأكبر وان أصبح الخروج بأقل الهزائم والكوارث حديث الجزائريين اليوم. تميز نهار أمس بالحيطة والحذر والسكوت والصمت في سلوكات الجزائريين، غير أن الشتائم والسباب المصوبة للمنتخب لم تخلو في كل ركن من أركان الشارع، الكل أصبح يقترن عمله بمباراة الجزائرانجلترا، أو تأجيل كل شيء إلى ما بعد اللقاء الحاسم في حياة الخضر. الطبقة السياسية في البلاد صائمة عن النشاط أفاد بعض النواب البرلمانيين في تصريحات ل ''الحوار'' أن الساحة السياسية لا يمكن أن تتعاطى مع أي موضوع في الفترة الحالية حتى وإن كانت نتائج شهادة البكالوريا ستظهر في هذه الآونة فلن تشهد البيوت الجزائرية أفراحا كما عودتنا، وهو الأمر الذي تؤكده إحدى المترشحات للشهادة فلن تكون ذات تأثير خاصة في الوضعية النفسية الحالية للجزائريين. وفي هذا الصدد يؤكد علماء الاجتماع أن حالة الجزائريين اليوم من ضغط نفسي الذي يصاحبه خيبة أمل كبيرة تؤثر بشكل مباشر عليهم ولن يزول هذا الأمر حسبهم إلا بزوال السبب والمتمثل في انتهاء فترة وجود المنتخب الجزائري في جنوب إفريقيا والعودة إلى الديار سواء بنتيجة إيجابية أو سلبية. وإلى جانب الطبقة الشعبية قرر المسؤولون في البلاد الصوم أيضا، حيث شهدت الأيام القليلة الماضية قلة في النشاطات السياسية خاصة من قبل الوزراء الذين انتقلت إليهم العدوى فالمونديال حبس أنفاس جميع الجزائريين، لم تعد الأحداث السياسية تتصدر الصحف بل أن الرياضة هي ما ينتظره الجزائريون. انتهت مباراة الأحد وتركت فوارق كبيرة في الحياة العادية للجزائريين حيث لم تستطع الأطراف الفاعلة من الاستمرار في حياتها العادية وسيكون الأسبوع الجاري حسب أصداء الشارع من أطول الأسابيع التي تمر على الجزائريين خاصة وأن لقاء انجلترا سيكون فاصلا إما الربح أو العودة إلى الديار خائبين بعدما تعلق بهم جميع الجزائريين انطلاقا من أعلى المسؤولين وعلى رأسهم رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، وهذا بالحرص على توفير كل الإمكانات المادية والبشرية من أجل المساهمة في الرفع من إمكانيات الفريق الوطني وخير دليل على ذلك زيارة عبد القادر بن صالح إلى جنوب إفريقيا للرفع من معنويات الفريق إلى جانب عدد من المسؤولين على رأسهم وزير الشباب والرياضة الهاشمي جيار. ومن بين الطرائف التي حدثت أثناء المباراة الأولى ل ''الخضر'' دموع الشباب قبل الشابات في مشاهد نادرة جدا لا تصنعها إلا لعبة كرة القدم، في العديد من المحلات تركت سلع تقدر بالملايين بين أيدي الزبائن مجانا خاصة عند أول صيحة للجمهور تنبأ بتسجيل أولى الأهداف. الجزائر خلال المونديال أصبحت شبه مشلولة على حد تعبير الشارع من الناحية السياسية الاجتماعية، فالأعراس قلت وحتى وإن حصل إجراء حفلات فإن الحسرة هي التي ميزتها خاصة الحفلات التي تزامنت مع المباراة المشؤومة. وإلى يوم غد الذي يحدد مصير محاربي الصحراء يبقى الجزائريون بين الانتظار والترقب، فكل شيء مباح من أجل الخضر خاصة أمام أمريكا والإنجليز.