يتواصل بالمتحف الوطني للآثار القديمة المعرض الذي يحمل عنوان ''الجزائر تراث وحضارة''، وهو المعرض الذي يجسد عمق الجزائر الحضاري من خلال تأريخه للحضارات التي مرت بها الجزائر منذ فجر التاريخ الإنساني حتى عصرنا هذا. يتميز معرض الجزائر تراث وحضارة بشموليته، حيث يبرز تعاقب الحضارات الإنسانية على أرض الجزائر، وكيف أنها ساهمت في إثراء الثقافة والتأثير على السكان والتأثر بهم، حيث تركت آثارا حضارية وآثارا مادية تعبر عن العظمة التي ميزتها على مر العصور. ويهدف المعرض الذي يقيمه المتحف الوطني للآثار القديمة بمناسبة احتفالات اليوم العالمي للمتاحف، إلى إبراز الآثار المادية التي يمتلكها وهي الآثار التي تظهر الحضارة وتغطي تاريخ الجزائر على مر العصور، من خلال إبراز إسهاماتها المتميزة في تاريخ البشرية. ومن هذه الآثار المعروضة نجد تلك التي تؤرخ للحضارة الليبية القديمة، تظهر كيف عاش الليبيون في منطقة الشمال الإفريقي منذ الألف الأول قبل الميلاد والآثار التي تدل على عظمتهم وتحضرهم ومن أمثلة ما تم عرضه في المتحف نجد نصبي كارنافالة وابيزار اللذين يحملان بعض ملامح الحياة اليومية للسكان المحليين مرفقان بكتابة تعود لتلك الفترة . وفي جانب آخر يبرز المعرض مظاهر الحضارة الفينيقية منذ أن استوطنوا مدينة قرطاج وامتزاجوا بالسكان المحليين، ومن أهم الآثار التي تركها هؤلاء في أرض الجزائر أثار قونوقو أو قورايا الحالية غرب العاصمة والتي احتوت على آثار الحضارة البونيقية الثانية. ويأخذنا المعرض عبر مراحل تاريخ الجزائر العريق إلى الحضارة الأمازيغية والدول التي شكلها البربر، وهي الدول التي امتدت من قرطاج شرقا حتى وهران غربا. وتبرز المظاهر الحضارية في هذه العصور من خلال عدة آثار ضمها المعرض منها القطع النقدية التي يعود بعضها إلى عصر الملك ماسينيسا والملك يوبا الثاني الذي اتخذ ايول أي شرشال الحالية عاصمة له. ورغم فشل الرومان في سلخ الجزائريين القدماء عن شخصيتهم إلا أنهم تركوا بعض الآثار الحضارية عرض المتحف بعضها منها تابوت معجزات سيد المسيح عليه السلام ولوحة تمثل عقد مهر عروس وتعود هذه الآثار للقرن 3 م . كما اشتهرت الحقبة البيزنطية في القرن 6 م بانتشار واسع للمسيحية، حيث فرض هؤلاء نمط حضارتهم خاصة فيما يخص جانب المعمار منه. ويتواصل العطاء الحضاري الجزائري في العصر الإسلامي الذي دام 14 قرنا ومازال متواصلا حتى اليوم وإن تغيرت الدول. وفي المعرض أيضا نقود قديمة وآثار لبعض القبور والمصابيح الزيتية ومنابر الجوامع والمساجد وحتى القطع النسيجية، وهي آثار عاصرت العديد من الدول كالرستميين والفاطميين والحماديين والمرابطين والموحدين والزيانيين والحفصيين، لتختتم الفترات التي غطاها هذا المعرض بعصر الدولة العثمانية الجزائرية ودولة الأمير عبد القادر. للإشارة فإن معرض الجزائر تراث وحضارة متواصل حتى الثامن عشر أوت المقبل.