أكد وزير التجارة، مصطفى بن بادة، أن مشروع القانون المعدل لقانون المنافسة الذي تم عرضه على أعضاء المجلس الشعبي الوطني أمس للمنافسة لا يلغي مبدأ حرية المنافسة، في ظل توفر النزاهة والشفافية. وأوضح في رده على انشغالات بعض النواب أن القانون الجديد يهدف إلى المحافظة على قاعدة العرض والطلب مع تعزيز آليات الدولة بإمكانياتها التدخل من خلال جملة من الآليات تتمثل في التسقيف التحديد، والاعتماد أو التصديق. وجاء هذا الرد من قبل المسؤول الأول عن قطاع التجارة، بعدما أبدى عدد من نواب المجلس الشعبي الوطني عدم رضاهم عن التعديلات التي جاء بها مشروع تعديل قانون المنافسة، والتي ستمسح للدولة بالتدخل في مراقبة وضبط السوق وفقا لآليات يتم تحديدها لاحقا، بهدف الحد من الاختلالات الخطيرة في الأسعار وحماية المستهلك من المتطفلين. وخلال عرض قدمه وزير التجارة، أكد خلاله أن قانون المنافسة ساري المفعول يعيق تدخلات الدولة للحد من الاختلالات الخطيرة في ارتفاع الأسعار، ولا يعطيها صلاحية التدخل في هذه الحالة، على الرغم من أن المصادقة على قانون المنافسة أنهى الاحتكار بنسبة 45 بالمئة، مقترحا إجراء تعديلا في أحكام الأمر رقم 03- 03 المتعلق بالمنافسة يمنح للدولة الإطار القانوني والتشريعي للتدخل لضبط أسعار جميع المواد، دون المساس بنظام حرية الأسعار. كما اقترح الوزير إدخال مبدأ تركيبة السعر، الذي يتم تحديده من طرف القطاعات الإنتاجية ومختلف الهيئات والمهنيين، وهذا بهدف وضع مؤشر للأسعار، فضلا عن مقترح التخلي عن تحديد ''مدة 6 أشهر'' لتقنين أسعار بعض المواد في الحالات الاستثنائية، وإبقائها مفتوحة، لتتمكن الدولة من التدخل عبر ثلاثة طرق تتمثل في التحديد، التسقيف، الاعتماد أو التصديق. وبإمكان الدولة أن تتدخل بمقتضى القانون الجديد للمنافسة في تحديد هوامش الربح لكل المواد، وليس المواد الإستراتيجية فقط مثلما ينص عليه قانون المنافسة ساري المفعول، وحرص وزير التجارة على التأكيد بأن السوق في كل الأحوال تبقى خاضعة لميكانيزماتها الطبيعية، لكن الدولة تتدخل في حالات ظرفية ومدروسة للحد من الاختلالات التي تمس توازن السوق والاستقرار الاجتماعي. وبعد سماعهم لعرض الوزير لمشروع القانون المعدل، أعاب نواب كتلة ''الأرسيدي'' مسعى الحكومة بعجزها عن وضع سياسة حكيمة لضبط الأسعار، وهذا بارتباكها في اتخاذ قرارات سليمة من شأنها حماية المواطن، واعتبر النائب، الطاهر بسباس، أنه لا يمكن الحديث عن ضبط الأسعار وتدخل الدولة لتحيدها في ظل معاملات تجارية تحكمها السوق الموازية، وأشار حكيم صايب، عضو ''الأرندي'' إلى أن تدخل الدولة في تحديد الأسعار هو توجه مباشر للتراجع عن سياسة اقتصاد السوق والعودة إلى النظام الاشتراكي. من جهته، اعتبر بوطويقة بن حليمة عن التجمع الوطني الديمقراطي أن تجار التجزئة لا يحكمون السوق، وإنما لا يمكن فعل شيء في ظل وجود المافيا، خاصة منها المصدرين الذين يخلقون هذه الاضطرابات الحادة في الأسعار. وأجمع نواب حركة مجتمع السلم وحزب العمال على أن مشروع تعديل القانون يعتبر خطوة إيجابية لكنها ليست الحل الأنجع للتحكم في الأسواق والأسعار وضبط الاقتصاد الوطني، مقترحين تفعيل وتدعيم أجهزة الرقابة والقضاء على الأسواق الموازية وتفعيل مجلس المنافسة العاطل. وفي هذا السياق، أكد بن بادة على هامش النقاش أن وزارته تنتظر تحكيم من الوزارة الأولى قبل إعادة الاعتبار لمجلس المنافسة، مبديا تفاؤله بإعادة تشغيله خلال السداسي الأول من السنة القادمة بعد وضع النصوص التنظيمية للمجلس، وتجديد أعضائه وتحديد النصوص المتعلقة بنظام التعويضات.