تبقى المرأة مشغولة بطبخها، مستأنسة بأكلاتها، منغمسة بين أطباقها؛ فيدخل عليها شهر رمضان ويخرج ولم تذق بعد حلاوة الأنس بربها. فإلى أختي المسلمة: من أدركت شهر الرحمة، ووافقت شهر المغفرة، وواكبت شهر التوبة، إليك أيتها الباحثة عن المخرج من الهم والغم، إليك يا من تباتين ترقبين الفرج من الله؟ ماذا لو سألناك: أأنست بالله حتى تنتظرين الفرج منه؟ والأنس به لا يأتي بلا سبب، ولا يحصل بلا تعب، بل هو ثمرة للطاعة، ونتيجة للمحبة، فمن أطاع الله، وامتثل أمره، واجتنب نهيه، وصدق في محبته؛ وجد للأنس طعماً، وللقرب لذة، وللمناجاة سعادة. إن أوقات رمضان هي من أجلِّ الأوقات، وأعزِّ اللحظات؛ على المسلم، أليس هو الشهر الذي أنزل فيه القرآن، أليس هو الشهر الذي من صامه إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه، أليس فيه ليلة هي خير من ألف شهر كما يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - مبشراً أصحابه: ((قد جاءكم شهر رمضان، شهر مبارك، افترض الله عليكم صيامه، يفتح فيه أبواب الجنة، ويغلق فيه أبواب الجحيم، وتغلُّ فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم)).3 فيا أيتها الأخت المسلمة سارعي إلى الأنس الحقيقي في هذا الشهر الكريم، داومي على قراءة القرآن في شهر القرآن: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ},4 لم لا وجبريل - عليه السلام - يدارس النبي - صلى الله عليه وسلم - القرآن مرتين في رمضان، والإمام الزهري كان إذا دخل رمضان يقول: إنما هو تلاوة القرآن، وإطعام الطعام، وكان الإمام أحمد بن حنبل يختم القرآن في كل أسبوع (أي قراءة ثمان وثمانين صفحة كل يوم تقريباً)، فاقتدي رحمك الله بأولئك الأخيار الأطهار، واغتنمي ساعات الليل والنهار. أخيتي: ما ألذَّ الذكر وأعظمه في رمضان، فلتحرصي على الأوراد اليومية، ولتزيدي ما يقربك إلى رب البرية كقول: لا إله إلا الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وكثرة الاستغفار فإنه يورثك الطوبى عند لقاء ربك، ولا تنسي الصلاة على النبي المصطفى، وغيره مما يدخل في قوله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا}. واعلمي أخيتي أن إيناس المؤمن التقي يزداد بما يقدم من خير، وما يهب من صدقة يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((من سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن)).