وأنت تتجول بناظريك ذات اليمين وذات الشمال في جغرافيا هذا العالم القريبة والبعيدة لن تعدم حيلة ولا إحساسا لتستوقفك بعض الظواهر الجغرافية في حياتنا اليومية، بين زلازل بوناطيرية وبراكين حجاجية مقدسة غلامية، وفيضانات حليبية شفافة رقراقة.. هذه الجغرافية القريبة. وفي سياحة جغرافية بعيدة تشد الأنظار هي أيضا ستجد ما يشنف الأسماع ويزكم الأنوف فهذا ريح بوشي وتلك ضرطة ساركوزية ملوثة للساحل الصحراوي، وبينهما وساطة أمريكية بين الخالق والمخلوق تجبر الناس على عبادتها من باب أنها ''تقربنا إلى الله زلفى'' كما كان يصنع سادة قريش في الجاهلية، وبين ''هبل'' الأمريكي و''اللات'' و''العزى'' الفرنسيتين باعتبار جواز التذكير والتأنيث على آلهة ''الكرتون'' يعيش المواطن العربي أو بالأحرى الشرقي ليدفع ثمن عبادته لهؤلاء مجتمعين ومتفرقين. والغريب في هذه العبادة أن الجزاء فيها ليس من جنس العمل في كثير من الأحيان، والأمثلة الحية الشاهدة على ذلك من الكثيرة بمكان، لأننا في معتقد تلك الآلهة لا نصلح إلا للمركوبية بكل أنواعها ووضعياتها الفيزيائية والكيميائية، وكما نعتبر مصدرا ثمينا لمختلف الموارد الطبيعية والبشرية فإننا مصب لذيذ مستلذ لمختلف النفايات المادية والمعنوية القادمة من الجغرافية البعيدة مطرزة بحالها وزينتها الجغرافية القريبة المزينة هي أيضا بالزلازل البوناطيرية والبراكين الحجاجية الغلامية البربارية والفيضانات الحليبية الشفافة الرقراقة ولو كره كل بقر العالم وجفت ضروع كل تيوسها. ولن نبرح الغرابة والعجب، ونحن نصف واقع الرجل الشرقي ولو كان غربيا حين حولته آلهة الورق المذكّرة والمؤنثة إلى مورد للرزق ومصب للنفايات حتى أنقذتنا أخيرا إحصائيات المنظمة العالمية للمراحيض وهي تكشف أن قرابة الثلاثة ملايير من البشر لا يملكون المراحيض دون أن تكلف نفسها عناء البحث في أسئلة الماهية ''متى وأين'' يقضون حوائجهم البيولوجية، المهم ان ذات الإحصائيات أفادتنا بأن مراحيض الفرنسيين هي الأسوأ من حيث النظافة بالمقارنة إلى باقي الشعوب الأوربية. ومن هذا المنطلق ألا يحق لنا كحيوانات ناطقة في البيئة الشرقية التساؤل عن جدوى مشروع الاتحاد من أجل المتوسط، والتدخل الفرنسي السافر في دول الساحل الصحراوي، فضلا عن العنصرية المقيتة التي يعاني منها المهاجرون لاسيما عربيو الأصول في بلاد الجن والملائكة، وربط كل ما يجري بمؤخرة الفرنسيين وما تفرزه من إنتاج ساهم في تنشيط الأفعال السياسية والاقتصادية والثقافية المخلة بالحياء. هذا التصنيف الدولي الذي ضرب مصداقية الفرنسيين ورمى الماء في ''بيت الما'' رغم أن الكنيف الفرنسي مساعد في جغرافيته وتضاريسه على تقبل النظافة بسهولة، إلا أنه من بين الإشكالات المرصودة قلة إصابة الهدف، مما يجعل الملاحظ يصاب الدهشة والعجب من دولة تحاول إصابة أهداف في الساحل وشمال إفريقيا والبحر المتوسط، ومؤخرات ساستها لا تصيب أهدافها بعانية ودقة في الكنيف الإنجليزي. كما أن قمة قذارة الفضلات الفرنسية من قمة جودة ما يدخل جوف الفرنسيين، وبالتالي التركيبة الكيميائية للأسمدة الزراعية الفرنسية تصيب المراحيض بالصدأ والتسوس، فلا ينفع معها لا ''سينيال'' ولا ''كولقايت''، على خلاف ما يجري في بيئتنا الشرقية التي ربما يشتاق فيها الفرد زيارة الكنيف الأيام ذات العدد لقلة المأكول والمشروب، فضلا عن قلة الطموح. ورغم أننا لا نزايد على أحد في نظافة مراحيضنا التي تعرفنا ونعرفها وبيننا وبينها مودة وصداقة تمتد إلى قرون قبل اكتشاف الفرنسيين لها، إلا أنه من حقنا أن نفخر بأننا وجدنا ما نضحك به على فرنسا وعلى مستودعات إنتاج مؤخراتهم، كما يجوز لنا الاعتزاز بوادي الحراش ومطالبة اليونسيكو بإدراجه ضمن التراث المحمي ولم لا عجائب الدنيا السبع في تزكيم الأنوف بالروائح الزكية بلا ضريبة ولا دمغة، مع رجاء آخر للقائمين على الأمر في بلادنا من أجل إضافة بند آخر بخصوص شروط الاستثمار والشراكة مع الأجانب في الجزائر، متمثل في ترك فضلاتهم في مراحيضهم وأسمدتهم في أرضهم، وخير لنا ولهم الاستثمار في الحفّاظات باعتبارها من الطاقات المتجددة، وإلى تفاصيل أخرى في الحلقة القادمة. حكمة اليوم تذكر دائما أن تعمل بالحب لا أن تتكلم به طوال الوقت ، فما تفعله أعظم ألف مرة مما تقوله . تعلم معنى الحياة بيديك لا تأخذها بعينيك . عبد الباسط لهويمل هذا البريد محمى من المتطفلين , تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته