وصف رئيس الجمهورية العربية الصحراوية والأمين العام لجبهة البوليساريو المسيرة التي جرت أمس الأول بالدار البيضاء بالأمواج البشرية التي كان يستعملها هتلر وموسوليني، مؤكدا بأنها فضيحة تاريخية ولن تخيفنا لأنها مبنية على باطل، وستصبح فضيحة يسجلها التاريخ كل مرة، مضيفا إليها صور ما يسمى بالمسيرة الخضراء التي جند لها القصر العلوي 350 ألف مغربي من أجل تغطية زحف الاستعمار المغربي. على صعيد آخر طمأن الرجل الجماهير الصحراوية في المخيمات والمدن المحتلة بأن النصر قادم وقريب، مشددا على أن وجه المقاومة الصحراوية سيستمر في مظهره الدبلوماسي والمقاومة السلمية، وأن الحرب واردة إن تحتّم الأمر. وكانت ''الحوار'' قد حضرت أمس مراسيم الاحتفالات المخلدة للذكرى ال35 لتأسيس المجلس الصحراوي، والتي عرفت حضورا برلمانيا قويا من دول مثل الجزائر الممثلة بوفد رفيع من البرلمان بغرفتيه يتقدمهم محمد الواد وطيب الهواري من حزب جبهة التحرير الوطني والنائب عن حركة الإصلاح الوطني فيلالي غويني، بالإضافة إلى وفود من المكسيك ونيجيريا وكوبا وإسبانيا. وبعد أن ألقى ممثلو العديد من الوفود لكلماتهم، ألقى الرئيس الصحراوي كلمة مطولة ظهر فيها بحزم غير معهود وهو يلبس بذلته العسكرية المزركشة، والتي قرأت على أنها جاهزية واستعداد من الرجل للعودة إلى سنوات الكفاح المسلح بعد المجزرة الأخيرة التي اقترفتها القوات المغربية في حق المواطنين الصحراويين العزل. وكشف الرئيس محمد عبد العزيز في الخطاب الذي ألقاه على مسامع الحضور أنه حتى وإن كان الحصار المغربي على المنظمات الدولية والصحافة قد حال دون معرفة العدد الحقيقي للشهداء والجرحى إلا أن أعدادهم فاق العشرات من الشهداء وآلاف الجرحى ومئات المفقودين، بالإضافة إلى أولئك الذين تم تعذيبهم بعد توقيفهم. وأبرز الأمين العام لجبهة البوليساريو، بأن تزامن الهجوم المغربي البشع على مخيم المدنيين الصحراويين في اكديم ازيك، مع بدء جولة تمهيدية من المفاوضات تحت إشراف الأممالمتحدة يشكل ''دليلا ملموسا على فقدان الرباط للإرادة السياسية في البحث عن تسوية عادلة للنزاع في الصحراء الغربية، مؤكدا على أن ما وقع في اكديم ازيك لن يثني عزيمة الشعب الصحراوي، بل زاد من إرادته. وقال الرئيس الصحراوي إن المجزرة '' إثبات جديد على إفلاس سياسات المخزن في البحث عن بدائل''، وإشارة واضحة على ''انتصار القضية الصحراوية ونجاعة أسلوب المقاومة السلمية'' في مواجهة البربرية المغربية وما اقترفه النظام المغربي من جرائم، خاصة وأن ما حدث بالعيون المحتلة سيبقى وصمة عار في جبين النظام المغربي. وأضاف عبد العزيز بأن ما نشرته المنظمات الدولية من شهادات على غرار منظمة هيومان رايتس واتش ''ينسف الأطروحة المغربية ويعري زيف الدعاية المغربية طيلة 35 سنة، منبها إلى أن كل الضغوط التي تمارسها الدولة المغربية على المواطنين الصحراويين ليهاجروا من بلدهم قد باءت بالفشل الذريع. وعرج الرئيس عبد العزيز على الظروف التي واكبت تأسيس المجلس الوطني سنة ,1975 قائلا: ''لقد تم التأسيس في ظروف وطنية وجهوية ودولية عصيبة، حيث كان الشعب الصحراوي يواجه بشجاعة منقطعة النظير مؤامرة استعمارية دنيئة، استهدفت صميم الوجود الصحراوي، كشعب وكأرض وككيان وكحقيقية سياسية واجتماعية وثقافية راسخة''، ''لقد اجتمعت على الشعب الصحراوي في فترة وجيزة سلسلة من التطورات، بدأت بالاجتياح العسكري المغربي، وما رافقه من أعمال التقتيل ومحاولات الإبادة، بما في ذلك باستخدام قنابل النابالم والفوسفور الأبيض، المحرمة دولياً، وصولاً إلى توقيع اتفاقية مدريد في الرابع عشر من نوفمبر سنة 1975 لتقسيم بلادنا وتشتيت شعبنا، ومحاولة القفز على مسؤوليات وواجبات الدولة الإسبانية في تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية، وتمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه في تقرير المصير، وفقاً لميثاق وقرارات الأممالمتحدة'' يذكّر الرئيس الحضور. ولاحظ الأمين العام لجبهة البوليساريو بأن المجلس الوطني الصحراوي ظل يتطور ويتقوى خلال 35 سنة حتى أصبح اليوم ''يتبوأ مكانته كمؤسسة تشريعية تعمل بجدية وانسجام وتعاون'' مع المؤسسة التنفيذية وبقية مؤسسات الدولة، في إطار المجهود الوطني الشامل من أجل تحقيق أهداف الشعب الصحراوي في الحرية والانعتاق وتقرير المصير والاستقلال. ''ونحن اليوم معتزون بمكانة البرلمان الصحراوي في برلمان عموم إفريقيا، وبالعلاقات الدولية الواسعة التي نسجها مع نظرائه من برلمانات العالم'' يضيف الرئيس. ولم يفوت الرئيس عبد العزيز الفرصة ليندد باستعمال الجزائر من قبل المغرب ككبش فداء لغض النظر عما حدث في الأراضي الصحراوية مؤخرا، واصفا الأمر بالقفز على الحقائق ومحاولة يائسة لتحويل الأنظار عن بشاعة مجازر قوات الاحتلال المغربية. للإشارة حضرت الندوة الدولية التي احتضنتها قاعة ولاية واسرد عديد الوفود البرلمانية والمنظمات الداعمة للقضية الصحراوية، بالإضافة لعشرات الوفود وأعضاء المجلس الوطني والشخصيات السياسية والإعلامية والدبلوماسية والتي تقام على هامش تخليد الذكرى 35 لتأسيس المجلس الوطني الصحراوي-البرلمان-. جدير ذكره أن الرئيس الصحراوي قد أثنى على مواقف العديد من الأطراف الدولية وعلى رأسها الجزائر حكومة وشعبا، بالإضافة إلى المجتمع المدني والصحافة الإسبانية التي قال بأنها لعبت دورا تاريخيا، ومسجلا أيضا وقفة تاريخية من طرف الحزب الشعبي في إسبانيا زيادة على موقف المكسيك العضو غير دائم العضوية في الأممالمتحدة علاوة على الموقف الشجاع للبرلمان الأوروبي.