دعا عبد الحميد مهري العضو السابق في الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية أمس بالجزائر إلى عدم تشويه سيرة قادة الثورة عن طريق التركيز على أخطائهم فقط مؤكدا أنهم كلهم كانوا ''مخلصين'' و''وطنيين''. وأشار مهري في تدخل له خلال ندوة منظمة من طرف جمعية مشعل الشهيد بالتنسيق مع يومية المجاهد بمناسبة الذكرى ال16 لرحيل العقيد محمدي السعيد المدعو سي ناصر إلى أن الكثير ممن يتعرضون لسيرة قادة الثورة يركزون على الجوانب السلبية في مسارهم النضالي داعيا المؤرخين إلى ''وضع هذه الأخطاء في سياقها التاريخي ومعالجتها بطريقة موضوعية''. كما دعا المؤرخين خلال هذه الندوة التي شاركت فيها نخبة من رفقاء السلاح للعقيد محمدي إلى ''إلقاء الضوء الكامل على سيرة جيل الثورة و الميراث الضخم والعظيم الذي تركوه و هذا للاستفادة منه لبناء المستقبل. زإن عظمة الثورة -- يوضح مهري-- تكمن في عظمة قادتها فإن كانوا غير صالحين فكيف تغلبوا على الإمبراطورية الاستعمارية الفرنسية وكيف واجهوا هذه القوة العظمي''. وأضاف أنه من واجب كل جزائري الحفاظ على ذاكرة شهداء الثورة الجزائرية ''نقية وحقيقية دون محاباة ولا تحيز''. وفيما يخص المناضل الراحل العقيد محمدي السعيد الذي كان عضوا في الحكومة المؤقتة ثم وزيرا للمجاهدين بعد الاستقلال قال مهري أنه ومنذ شبابه الأول كان ملتزما بخط وطني لتحرير البلاد بقي عليه طول حياته. وأبرز أن العقيد محمدي كان رجلا وطنيا بدون أدنى شك وإن ''تعاونه كضابط مع الجيش الألماني خلال الحرب العالمية الثانية كان بهدف تحرير البلاد لأن الاستعمار الفرنسي لم يترك سبيلا لتحرير الوطن إلا التعاون مع أية قوة كانت''. وذكر في ذات السياق أن الكثير من المناضلين الجزائريين والعرب كانوا يرون مثل ما كان يرى العقيد محمدي أن التعاون مع ألمانيا هو السبيل لتحرير البلاد دون الموافقة على الفكر النازي بل إن هذا التوجه كان من ينظر إليه آنذاك على أنه صفة من صفات الوطنية. وفي المقابل --يوضح عضو الحكومة المؤقتة-- كان هناك من القادة العرب والجزائريين أمثال الحبيب بورقيبة ومصالي الحاج الذين كانوا يرون أن التعاون مع الحلفاء وسيلة لتحرير الأوطان، ولكن بعد الانتصار حدثت مجازر 8 ماي 1945 التي ارتكبتها فرنسا بالجزائر. أما فيما يخص ما يؤخذ على العقيد محمدي بصفته قائد الولاية الثالثة حول قضية التقتيل الجماعي بقرية ملوزة التي حدث في ليلة 28 إلى 29 ماي ,1957 أكد مهري أنه ''حتى وإن وقعت أخطاء فان السبب الأصلي هو المناورات الفرنسية التي حاولت التفريق بين الجزائريين و الدفع إلى التصفية بينهم والمسؤولية عن هذه الأخطاء تعود إلى مصالح المخابرات الفرنسية''. كما تدخل في هذه الندوة رفقاء السلاح للعقيد محمدي الذين نوهوا بالروح الوطنية الفذة التي كان يتميز بها هذا الرجل وأشادوا بنزاهته وترفعه عن الماديات.