أوضح ''عثمان بوروبة'' رئيس جمعية ''إيدز'' بمناسبة إحياء اليوم العالمي لداء فقدان المناعة البشرية، أن التضارب حول ملف السيدا في الجزائر لا يزال قائما، على الرغم من التأكيدات والمجهودات التي توصي بوجوب كسر ''الطابو'' وإزالة الهالة عنه، إلا أن التباين بقي مسيطرا وألقى بظلاله على حقيقة العدد الإجمالي لحاملي الفيروس في ظل غياب إستراتيجية الكشف الطوعي، لتشهد معدلات الايدز ارتفاعا، حيث تم تسجيل على المستوى الوطني منذ سنة ,85 أي منذ ظهور المرض وحتى الثلاثين من سبتمبر ,2010 ما لا يقل عن 1118 حالة و4745 حامل للفيروس على المستوى الوطني. وأكد المتحدث أن الجزائر تمتلك تجربة رائدة في مجال معالجة المصابين بداء الإيدز، كما أشار إلى أنّ هناك عملا كبيرا منتظرا لمكافحة الداء الفتّاك، بعدما تم تسجيل 600 حالة حاملي فيروس السيدا في ظرف سنة واحدة و6 حالات خلال شهر سبتمبر. كيف تصفون واقع مرضى السيدا في الجزائر؟ نحن كجمعية لمحاربة السيدا في الجزائر، نتكلم في المجال الوقائي، حيث هناك نقص مادي ومعنوي لهذه الشريحة، ومشكل الانقطاع المتكرر للأدوية، وهو أكبر مشكل بالنسبة لنا وللمرضى أيضا. كما تمثل قضية الوقاية الإشكالية التي وصلنا إليها اليوم، فالوضعية ليست بالأحسن وفي نفس الوقت لا يمكننا وصفها بأنها وصلت إلى الحضيض. فالمرضى مهمشون في مجتمعنا حتى لدى الأهل والأقارب، بالإضافة إلى العمل الذي يعد أحد المشاكل العويصة التي يتخبط فيها المرضى المصابين بالسيدا، فهذا الأخير بالرغم من مرور أكثر من 24 سنة على ظهوره، إلا أنه لم يسجل بعد في خانة الخطر الذي يهدد المجتمع، ولم يتم إدراجه ضمن قائمة الأمراض المزمنة، ولم يعترف به إلى يومنا هذا. ليبقى السؤال المطروح حول مدى تحمل الوزارة المعنية ملف السيدا على عاتقها، هذا التحمل الذي يترجمه توفر الأدوية مجانا لكل فئات المرضى، مع العلم أن جل مرضى السيدا مصابون بأمراض أخرى مزمنة كارتفاع ضغط الدم، داء السكري، الربو، الكولسترول وغيرها من الأمراض التي يجب أخذها بعين الاعتبار وتوفير الأدوية للمصابين بالمجان. إلى أين وصل عمل الجمعية في تحقيق استرتيجية 2008-2012 التي تعمل فيها بالتنسيق مع ''أونو'' سيدا في مجال التوعية والتحسيس بخطورة المرض وطرق الوقاية؟ عمل الجمعية يقتصر على تطبيق الإستراتجية الوطنية في إطارها الشامل، فجمعيتنا لها تدخلات وأولويات تنصب بالدرجة الأولى حول الجماعات الأكثر عرضة للإصابة. فالمشروع الجديد الخاص بالهجرة و''المهاجرين ''، يدخل في صلب الإستراتجية الوطنية، ونحن كجمعية نقوم جاهدين لتطبيق العمل المناط بنا على مستوانا وتطبيق الإستراتجية الوطنية. فالسنة الماضية عملنا 3 مشاريع في إطار الإستراتجية الوطنية، مشروع مع الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة نساء ورجال، وكذلك مع الرجال وهم أكثر عرضة للإصابة أيضا، هذان المشروعان كانا متبوعين بحملات تحسيسية وتوعوية كبيرة عبر مختلف ولايات الوطن، منها ولاية بشار، قسنطينةوبجاية. كما عملنا 3 ملتقيات ودراسات على المستوى الوطني، دخلنا في شراكة في إطار مشروع ''اونيجي دو''، وكذلك شراكة مع سفارة فرنسا وسفارة هولندابالجزائر، كل هذه التطبيقات أدمجت في إطار الإستراتجية الوطنية والمخطط الاستراتيجي 2008 2012 تشير إحصاءات ''أونوسيدا'' ومنظمة الصحة العالمية،إلى أن السيدا يصيب أكثر فأكثر فئة النساء والمواليد الجدد، هل لمستم ذلك في الواقع ؟ هذا واقع معروف في الجزائر، ففي السنوات الماضية كانت الإحصاءات المسجلة تشير إلى أن نسبة إصابة الرجال أكثر بكثير من النساء أي من 4 إلى 5 على ,1 أي 5 رجال لامرأة واحدة. أما الآن فقد أصبحت واحد بواحدة أي رجل مقابل امرأة، وهو ما يشير إلى أن النساء أكثر عرضة للإصابة بالفيروس من الرجال، كما تم تسجيل حالة واحدة من المواليد الجدد على المستوى الوطني. هذه الإحصاءات مؤكدة رسميا من معهد باستور. أما على المستوى الوطني فالأرقام مخيفة جدا مقارنة بالسنوات الماضية، فالإحصاءات كانت تشير إلى 200 حالة من حاملي الفيروس و50 حالة مريض مصاب بالسيدا في العام بالجزائر. وفيما يخص الإحصاءات هذه السنة، هل ترى أنها انخفضت أم أن العكس صحيح؟ أكدت الإحصاءات المسجلة خلال التسعة أشهر الأولى من هذه السنة، أنه تم تسجيل ما لا يقل عن 600 حالة لحاملي فيروس السيدا، هذه الحصيلة تؤول إلى عدة تساؤلات، فهناك من يقول إنها نسبة قليلة ويرجعها إلى عمل الجمعيات الذي أثمرت عنه نتائج إيجابية، ولا ننسى تقديرات منظمة الأممالمتحدة ومنظمة الصحة العالمية وحتى تقديرات الدولة الجزائرية التي تقول بأن نسبة الإصابة في الجزائر هي 1,0 على 35 مليون نسمة. وتشير إحصاءات أخرى إلى تسجيل ما بين 25 ألف و30 ألف حالة في الجزائر، ونحن الآن نعيش في الجزائر مع 6 آلاف حالة. وبالنظر إلى هذا الرقم فإنه بعيد جدا عن الواقع وكلنا يعرف ذلك، لذا علينا أن نصل إلى هذه الحالات عن طريق حملاتنا التوعوية وإقناعها بإجراء كشوف مخبريه، لأن حالة واحدة لا تعلم بإصابتها وتعيش بحرية في المجتمع خطر كبير، خاصة إذا كان شابا أو شابة من الناشطين جنسيا، فشبابنا اليوم وخاصة في سنة 2010 يمرضون بالسيدا ولا يعرفون طرق انتقال هذا المرض، في نظري شيء خطير جدا، والمسؤولية مسؤوليتنا جميعا، بما فيها وسائل الإعلام أيضا التي نحملها مسؤولية عدم تمرير الرسالة كما ينبغي. هل يمكنكم تحديد أعمار الحالات المصابة بالجزائر؟ أغلب حالات الإصابة بالسيدا في الجزائر، هي فئة الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 17 سنة وخمسة وخمسين سنة، وكلا الجنسين متساويين في العدد ودرجة الإصابة. وحتى المواليد الجدد إلى يومنا هذا، هناك حالة واحدة على المستوى الوطني تم تسجيلها، في حين نحن نعلم بأن هناك حالات أخرى لا تعلم بالإصابة، ولكن السلطات تتستر على ذلك، لأن الأرقام ليست صحيحة، نظرا للتعقيدات ونقص التدعيم المالي لكل الجمعيات الفاعلة والناشطة، وأيضا بسبب نقص التكفل بالملف على مستوى الوزارة، وهذا يعني أن كل الإجراءات المتخذة ضعيفة ''لأن كل واحد يعمل لوحده وليس هناك تنسيق بين الجمعيات ووزارة الصحة''. في نظركم هل مازالت الجزائر بمنأى عن الخطر باعتبار أن نسبة الإصابة بها ضعيفة؟ نحن كجمعية نؤكد أن الجزائر ليست بمنأى عن الخطر وذلك لعدة أسباب والوزارة تقول أيضا إن هناك أسبابا وراء ارتفاع هذه الأرقام بسبب الممارسات الجنسية غير المحمية وجهل الشباب بذلك وكذا عزوف البعض عن إجراء الفحوص المخبرية، رغم بعض التقدم الذي سجل في هذا المجال بفضل نجاعة نظام التشخيص. فالمواطنون اليوم بدأوا يذهبون إلى المخابر لإجراء التحاليل، وهنا بدأت الأرقام ترتفع بشكل عادي، وهذا لا يخفي أن نسبة الإصابة في الجزائر، حسبما تشير إليه آخر إحصاءات ''أونوسيدا ''و''لوا ماس'' وحتى الحكومة الجزائرية موافقة مع هذا الأمر، أي أن حوالي 1,0 بالمائة يعني من ضمن 34 مليون هناك حوالي 34 ألف إصابة، والأرقام الأصلية تبلغ حوالي 5060 حالة مؤكدة، والرقم يتضاعف ما بين 5060 إلى 15 ألف 19 ألف حالة. فوزارة الصحة تقول أنه شيء عادي إذ حينما ترتفع الأرقام الجديدة يعني ذلك تفطن الأشخاص لإجراء التحاليل، ولكن في الحقيقة نحن كجمعية نؤكد أيضا أنه يوجد نقص في الحملات من نهاية السنة الماضية وحتى اليوم، كل من الوزارة والناس ''رقدوا'' وحتى بعض الجمعيات في عطلة. قلتم إن الشباب أكثر عرضة للإصابة بهذا الداء؟ هل يمكن القول إنهم لا يملكون الثقافة الجنسية اللازمة؟ بالفعل هذا الشيء واضح وضوح الشمس، فشبابنا اليوم لا يملك ثقافة التربية الجنسية، وهو المشكل الذي نتخبط فيه فغالبية شبابنا اليوم لا يملكون الوعي الضروري، وعندهم أفكار مسبقة ومعلومات خاطئة، لأن هذا الأخير ينتقل بطرق معروفة وبنسبة كبيرة عن طريق العلاقة الجنسية في الجزائر، وبما أن الجميع يعرف كيف ينتقل، لا بد أن يعرفوا كيف يحمون أنفسهم من العدوى. الحلول كثيرة وسهلة أولها عن طريق العفة والطهارة، الزواج والوفاء للشريك، وآخرها استعمال الواقي الذكري. لكن تبقى المشكلة أن ثقافة الجنس تبقى ناقصة وخاطئة لدى أغلب الشباب الجزائري للأسف الذي ما زال البعض منه يمارس الجنس عشوائيا دون واقيات ودون رقابة ولا رعاية صحية أي عشوائيا. وهنا قد يتنقل الفيروس بكل حرية دون أن يشعر الواحد منهم، وإذا كان متزوجا ينتقل الفيروس إلى زوجته وإلى حملها إذا كانت حاملا. كيف تدعمون الشباب المصاب بالفيروس؟ نحن جمعية إعلامية، فأساس عملنا هو الإعلام والتوعية من مخاطر السيدا، ولكن عندنا خط استراتيجي آخر في أهدافنا، وهو دعم ''جمعية الحياة''، وهي جمعية الأشخاص المصابين بالسيدا والأشخاص المتعايشين مع الفيروس، هذه الأخيرة نعمل على تدعيمها بكل الإمكانات المتوفرة لدينا، كالدعم التقني والمعنوي والفني، لأجل دوامها وبقائها للعمل مع هذه الفئة بعد أن أثبتت نجاعة في مجال مساعدة مرضى الايدز وحاملي الفيروس، خاصة من فئة السيدات المتزوجات اللواتي انتقل إليهن الفيروس من أزواجهن، وهن للأسف يمثلن شريحة كبيرة من المصابات في الجزائر، وهذا بسبب جهل الزوج أو الشريك بإصابته إلا بعد فوات الأوان. هل ترتكزون في حملات التوعية على المناطق التي ينتشر فيها النشاط الجنسي كعلب الليل والكباريهات وغيرها؟ نحن نحاول عمل المستحيل للوصول إلى الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة، هذا في إطار الإستراتجية الوطنية التي حددت الأولويات، فتحديد الأولويات والأهداف شيء واحد ولابد من تحديد الأشخاص الذين نتعامل معهم. ولكن نحن في هذه الإستراتجية نحاول الوصول لفئة الأشخاص الأكثر عرضة لنعمل معهم، وهذا لا ينفي ولا يمنع العمل مع أشخاص آخرين يمكن أنهم تعرضوا للإصابة في مشوار حياتهم، ومن أولويات مهامنا ألا نبخل عن مدّ يد العون لهؤلاء. وهل تقومون بإجراء الكشف المجاني لاكتشاف الإصابات بالفيروس في أوساط الشباب؟ نحن لا نقوم بالكشف المجاني لاكتشاف الإصابات بالفيروس في أوساط الشباب، ولكن عملنا يقتصر على توعية وحث الأشخاص على أداء التشخيص على مستوى العيادات المتخصصة، كعيادة ببوقرمين بساحة أول ماي، ومستشفى القطار بباب الوادي. وإن كان التشخيص إيجابيا يبعث على مستوى المخبر المركزي بسيدي فرج، وهو الوحيد الذي يعطي الإحصاءات الرسمية للأشخاص المصابين، لأننا نرى بأن التوعية على الكشف الطوعي والمجاني هي أهم خطوة، إذ وبعد أنه= يقتنع المصاب بالفيروس عليه أن يتقدم لوحده للكشف وهنا يكمن نجاحنا، لأنه كلما اكتشف إصابته أبكر كلما أغنى أناسا آخرين من العدوى والإصابة وهم في الغالب أقرب الناس كالأزواج والأهل. يقال إن مرض السيدا ينتشر بكثرة في المناطق الريفية النائية،هل هناك إحصاءات أو دراسات ميدانية مؤكدة؟ ككل سنة نقوم بحملات تحسيسية كبيرة نبرمجها على مستوى الولايات الداخلية للوطن كتمنراست، بشاروالوادي، تدخل ضمن إستراتجية الجمعية، وبالنسبة للمناطق الريفية الأكثر عرض لانتشار هذا الداء يمكن أن يكون الأمر كذلك لأن سكان القرى عندهم ضعف في وصول المعلومة الصحيحة وفي التوعية أيضا، مع العلم أن الجهل ينتشر في المناطق الريفية أكثر من المدن الكبرى. وأنا كرئيس جمعية أقول إن كل المناطق في الجزائر معرضة للإصابة، فمرض السيدا موجود في كامل التراب الوطني، وبلغة الأرقام العاصمة تضم أكبر عدد من الإصابات على المستوى الوطني، لتليها الولايات الكبرى كوهران، بجاية، سطيف، تيارت، تمنراست لتليها الولايات أخرى تضم إصابات ولكن الأرقام تختلف. أي الولايات معنية أكثر بهذا الداء؟ لا يمكن القول إن الولايات الجنوبية أكثر عرضة من الولاياتالغربية، فعدد المصابين بمرض السيدا وأيضا حاملي الفيروس مسجل في جميع ولايات التراب الوطني، فمرض السيدا مشكل المجتمع بأكمله وليس مشكل وزارة الصحة لوحدها. وللقضاء على هذا الداء لا بد من تدخل الجميع، كعمل وزارة الصحة وزارة الداخلية الشؤون الدينة وزارة التربية. لكن الأخصائيين يرجحون ولايات الجنوب بسبب الهجرة السرية والمهاجرين السريين الذين لا يولون اهتماما للوقاية من أي من الأمراض الجنسية ولا يمتلكون حتى دفترا صحيا ويعيشون بطريقة غير شرعية في الجزائر، وبالتالي حتى السلطات الجزائرية لا يمكنها ضبطهم. في الأخير هل من كلمة ختامية توجيهية لدق ناقوس الخطر حول هذا الداء الفتاك مخافة انتشاره أكثر في الجزائر؟ بودي التوجه بنداء لكل الناشطين في مجال مكافحة الايدز وحتى بالنسبة إلى الأشخاص المصابين والعاديين وحتى أنتم كإعلاميين، علينا أن نعمل سويا على إيصال الرسالة والمعلومة الصحيحة وعرضها لشبابنا بخطر انتشار هذا الداء الفتاك على المستوى الوطني، وكل واحد مسؤول، وعليه أن يحمي نفسه ويحمي الآخرين وحماية المجتمع. هذه رسالتنا الأولى والأخيرة في هذه الجمعية، وأعتقد أن أبسط شيء هو التوعية ثم التوعية. ولابد من العمل الجماعي للوقاية والحد من هذا المرض لأن هذا المشكل لا يحل إلا بتضافر مجهودات كل الجهات المسؤولة، وحتى المواطنين الجزائريين لابد من مساندتهم لنا لوضع الحد له، نظرا للنقص الفادح في الإمكانات والأدوية في بلادنا، فنحن كجمعية لا نستطيع فعل أي شيء سوى التكفل بالمرضى بسيكولوجيا وتقديم لهم دروس وأن نعلمهم حقوقهم وأيضا طريقة استعمال الدواء، فنحن نعمل على التحسيس والوقاية مع الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة، لكننا في نفس الوقت لا نستطيع تعويض الدولة في التكفل الكلي بهذه الشريحة إلا بمساعدة منها.