لا يزال التضارب سيد الموقف في ملف مرضى السيدا بالجزائر، فرغم تأكيد أكثر من طرف رسمي وغير رسمي على وجوب تحطيم الطابو وإزالة الغموض الذي يكتنف لغة أرقام المصابين عشية اليوم العالمي لمكافحة "الايدز" ، إلا أن التباين بقي مسيطرا حول حقيقة الأعداد الفعلية لحاملي الفيروس الذين يعيشون بيننا، ففي الوقت الذي ترجح فيه الأممالمتحدة وجود ما بين 20 إلى 30 ألف حامل للفيروس بالجزائر، تؤكد المصادر الطبية الرسمية عندنا أن عدد هؤلاء لا يفوق 3 آلاف مصاب. أخذت جمعية "أنيس" على عاتقها هذه السنة وبمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الايدز مهمة التوعية والتحسيس من مخاطر العدوى عبر إطلاق حملة وطنية ستدوم سنة كاملة من الفاتح ديسمبر اليوم العالمي لمكافحة الايدز وإلى غاية 30 نوفمبر 2011، تستهدف كمرحلة أولى ولاية غرداية التي تعتبر منطقة عبور للمهاجرين السريين الذين باتوا مصدرا مباشرا لنقل العدوى بالجنوب الجزائري ، وتمثل ولاية تمنراست لوحدها حسب الأرقام المقدمة 11 بالمائة من الحالات المعلن عنها على المستوى الوطني، في حين تقدر نسبة المهاجرين الحاملين لفيروس السيدا والمعالجين في ذات المنطقة ب 53 بالمائة من الحالات المسجلة، إذ وبحكم انتقال الجزائر من مركز عبور بالنسبة للمهاجرين إلى مركز استقرار للكثير من الأفارقة والصينيين في مناطق الجنوب على غرار غرداية ،ورقلة وتمنراست وكذا العاصمة، فقد ناهز عددهم حافة ال40 ألف مهاجر ينتمون إلى 28 دولة غالبيتها إفريقية،بعد أن كانوا لا يتجاوزون ال5 آلاف مهاجر حذرت وزارة الصحة الجزائرية المواطنين منهم كونهم لا يملكون أي بطاقات صحية مطلقًا، ويحملون أمراضًا معدية أخطرها الايدز المنتشر بينهم بصورة مخيفة، وما يزيد الطين بله أن هوياتهم غير معلومة وبطبيعة الحال يخفون أمراضهم حتى يتعايشوا مع المجتمع الجزائري. جمعية أنيس تدعو إلى الصرامة في مراقبة الإقامات الجامعية وتركز جمعية "أنيس" بصفة خاصة في حملتها هذه السنة على شريحة النساء والأطفال، خاصة بعد أن بلغ عدد الحالات المسجلة في أوساط الجزائريات حسب رئيسها اسكندر سوفي عبد القادر 12 ألف امرأة حاملة للفيروس تعيش بيننا في الجزائر، 90 بالمائة منهن تنجبن أطفالا حاملين بدورهم للفيروس باعتبار أن العدى تنتقل آليا من الأم الحامل إلى جنينها. و للإشارة تأتي حملة "أنيس" بالموازاة مع الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الايدز "2008. 2012" والذي تم بموجبه إنشاء 10 مراكز مرجعية على مستوى الوطن و70 مركز للتشخيص المجاني . واعتبر اسكندر أن الجزائر سجلت منذ بداية السنة الجارية أزيد من 600 إصابة جديدة بالإيدز، وطرح في نفس الوقت الكثير من المسائل الشائكة حول لجوء بنات الإقامات الجامعية إلى العمل في الملاهي الليلية، وفي مجال بيع الهوى مشيرا إلى أن الأمر يتطلب الوقوف عنده مطولا لحماية أبنائنا وبناتنا من الانحراف والإصابة بأفتك مرض عرفته البشرية. وأكد اسكندر أن نتائج التحقيق الذي أنجزته الجمعية لا تهدف إلى الإساءة للجامعة الجزائرية، بل إلى مواجهة الواقع بنوع من الجرأة والتحدي بدل إخفاء الحقائق الذي يسمح بتفاقم انتشار المرض في صمت. وبالرغم أن الأخصائيين ببلادنا من أطباء ورؤساء جمعيات يدقون ناقوس الخطر حول تزايد عدد الإصابات والأعداد المتضاربة للمصابين والتي يؤكد أغلبهم أنها لا تعكس الحقيقة، إلا أن صندوق الأممالمتحدة لمكافحة السيدا أكد بمناسبة حلول اليوم العالمي لمكافحة السيدا بأن الإصابات بالجزائر ضعيفة حيث لا تتعدى نسبتها 0.1 بالمائة. و أشارت المنظمة الأممية في تقريرها لسنة 2010 حول تطور مرض فقدان المناعة المكتسبة أن الجزائر تعد من بين الدول التي يتم فيها مراقبة التبرع بالدم بنسبة 100 بالمائة و "بنوعية مضمونة من قبل مراكز التبرع بالدم". 12 ألف امرأة مصابة بالايدز في الجزائر أغلبهن ضمن العلاقات الزوجية خلافًا للاعتقاد السائد في الجزائر، يؤكد الأطباء ورؤساء الجمعيات أنّ حاملي الإيدز لم يمارسوا بالضرورة علاقات جنسية غير شرعية، بل إنّ كثيرًا منهم مارسوا الجنس ضمن مؤسسة الزواج، لكن حمل أحد الشريكين للفيروس أسهم في انتقاله، وهو ما حدث لأغلب النساء الحاملات للفيروس من أزواجهن، حالهن تمامًا كحال كثيرين ممن انتقل إليهم هذا الفيروس عن طريق الحقن بدماء ملوثة،أو آلة حلاقة.لكنهن يواجهن التهميش والازدراء من مجتمع لا يعترف بطرق العدوى مثلما يعرف بأن المرض هو مرض العار لأنه متعلق بالجنس. وفي هذا الإطار تندد الجمعيات بضرورة تغيير النظرة نحو المرضى في المجتمع مع ضمان العلاج المتساوي لكافة المرضى، وتمكينهم من الحصول على الدواء بحسب وضعياتهم الاجتماعية الخاصة، كما يشيرون إلى انعدام وجود قوانين وتشريعات تحمي ''الأشخاص المصابين بالسيدا من الناحية الأخلاقية بما يكفل كرامتهم، وحمايتهم ضدّ أي تمييز، احتكامًا لما يترتب عن رفض المجتمع لإصابتهم واكتفاء الدولة بتوفير الأدوية لهم ، فيما يواجهون تمييزا يجبرهم على عدم التصريح بمصابهم لدى الأطباء العامين وفي المستشفيات وفي عيادات أطباء الأسنان. وزارة الصحة تلزم القطاع العام بالتكفل بهذه الشريحة من المرضى في هذا الإطار، شددت وزارة الصحة وإصلاح المستشفيات، في تعليمة أصدرتها الشهر المنصرم إلى مدراء المؤسسات الإستشفائية والمراكز الصحية، تلزمهم فيها بضرورة التكفل الجيد والخاص بالأشخاص المصابين بفيروس فقدان المناعة المكتسبة• وجاءت هذه التعليمة التي تحمل رقم 3 والصادرة في 6 أكتوبر2010، بعد تلقي الوزارة عدة شكاوى ضد التمييز الذي يعاني منه مرضى السيدا والإقصاء والتهميش. وقد نصت التعليمة على إجبارية ضمان أحسن رعاية طبية لهذه الشريحة من المرضى، إضافة لتحويلهم إلى مستشفيات أخرى حسب الحالة الصحية لكل مريض، متوعدة باتخاذ إجراءات صارمة في حال عدم الالتزام بهذه التعليمة• وقد جاءت التعليمة استجابة للشكاوى العديدة التي رفعها مرضى الايدز الذين يعانون من تهميش وإقصاء المحيط أكثر من أي شيء آخر حتى من طرف القائمين على المستشفيات العمومية، حتى في بعض حالات الخطر كالنساء الحوامل المصابات بالايدز واللواتي يرفض استقبالهن في المستشفيات وعيادات التوليد بسبب الخوف من العدوى ، وتعد هذه القضية من أهم القضايا الشائكة التي تشتكي منها القابلات الجزائريات التي سجلت في صفوفهن بعض الإصابات من حمل للفيروس بسبب بعض الحقن أو انتقال دم المريضة عن طريق جرح في الأصبع...حوادث مأساوية يطلعنا بها الواقع للطرفين، لذا صار لا بد من اتخاذ التدابير الوقائية لاستقبال هذه الشريحة من المصابات دون تهميش و تجنب العدوى في آن واحد. أكثر من 5.5 مليار لرعاية مرضى الايدز خلال عام وقد استعرضت وزارة الصحة وإصلاح المستشفيات، ضمن تقريرها لسنة 2010 ، الذي يتم عرضه خلال الجمعية العامة لهيئة الأممالمتحدة بمناسبة اليوم العالمي للسيدا في الفاتح ديسمبر من كل سنة، وضعية المصابين بفيروس فقدان المناعة المكتسبة، وكيفية التكفل بهم. وأفاد التقرير أن الجزائر صرفت خلال السنة الماضية غلافا ماليا ضخما فاقت قيمته 19 مليار سنتيم، خصص 7,66 بالمائة منه لتغطية تكاليف علاج المصابين بهذا الداء الخبيث أي ما يفوق 5,5 مليار سنتيم، فيما تم توزيع باقي المبلغ على تمويل النشاطات التي تدخل في إطار البرامج الهادفة إلى محاربة هذا المرض • وأضاف تقرير وزارة الصحة أن نسبة انتشار الايدز في الجزائر لا تتعدى ال 0.01 بالمائة سنويا أي ما يعادل إصابة واحدة لكل 1000 مواطن، وفي ذات السياق، بلغ عدد الحالات المسجلة خلال سنة 2009 حوالي 684 حالة جديدة ، فيما سجلت 600 حالة جديدة فقط خلال السنة الجارية 2010 وهو ما يعكس تراجعا نسبيا في عدد الإصابات الجديدة وهو حال جل البلدان هذا العام كما أشارت لذلك منظمة الصحة العالمية في تقريرها الأخير.