تتميز المرأة في جانيت بقدرتها الكبيرة على الحفاظ على الموروث الثقافي والتقليدي الذي توراثته منذ القدم، ربما نتيجة عدم تأثرها الكبير عكس غيرها من نساء الوطن بما تحمله الثقافات الغربية الوافدة الينا. فلاتزال ملابسها تعبر عن تمسكها بتقاليد بيئتها العريقة كما لا يزال بيتها الصغير محافظا على جزء كبير من الأواني و الافرشة المصنوعة باليد والتي تزين مطبخها وغرف البيت الأخرى. تؤكد ''عبد الدايم عزيزة''، رئيسة جمعية ترقية المرأة الريفية بجانيت، أن المرأة في هذه الولاية لاتزال تتمسك بكل تقاليد بيئتها الصغيرة، من خلال حرصها على صنع ما تحتاجه بأناملها خاصة فيما يتعلق بصناعة السلل التي تعبر بجد عن براعة المرأة في جانيت في تحويل خيط الحلفاء وسعف النخيل إلى أوانٍ تقليدية يمكن أن تستعملها في صناعة ما تريد من أوانٍ تلبي حاجياتها وحاجيات عائلتها مثل الأواني التي تستعمل في حفظ بعض المأكولات أو في حفظ الماء ونقله من مكان إلى آخر دون حاجة إلى استعمال المواد المصنعة والحديثة التي تكون، حسب رأيهن، غير صالحة في أغلب الأحيان لأنها مصنوعة من مواد غير طبيعية، وهو ما يجعل ضررها أكثر من نفعها في كثير من الأحيان، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير في جانيت، وهو ما زاد من إقبال السيدات هناك على صناعة الأواني من سعف النخيل. لكل فئة عمرية سلّتها المناسبة ذكرت السيدة''عبد الدايم'' أن صناعة السلل والأواني التزينية بالاعتماد على سعف النخيل والحلفاء تعتبر الهواية رقم واحد للعديد من نساء وفتيات منطقة جانيت، حيث لا يمكنك أن تزور بيتا إلا وتعثر بداخله على ورشات مصغرة لصناعة السلل والمزهريات وغيرها من الأغراض الأخرى التي تجدها المرأة مناسبة لأن تزين بها القعدات التقليدية داخل البيوت، خاصة الأماكن المخصصة لاستقبال الزوار. وعن هذه الحرفة تحدثنا السيدة ''عبد الدايم'' أن لصناعة السلل في جانيت قوانين خاصة لا يمكن تجاوزها، حيث تقوم المرأة الكبيرة في السن بصناعة ونسج أكبر أنواع السلل والمرأة المتوسطة أو الشابة بصناعة أوسطها حجما أما الفتاة الصغيرة فتقوم بنسج أقل السلل حجما. ولا يمكن، حسب عادات وتقاليد المنطقة، أن تتجاوز أي امرأة حجم السلة التي تناسب عمرها بأي حال من الأحوال. أما فيما يخص الحرف التقليدية الأخرى فتسهر الفتيات في مدينة جانيت على صناعة الزرابي التقليدية، حيث لا تزال هذه الحرفة تستقطب العديد منهن لاستمرارية استعمال هذا النوع من الافرشة بالمنطقة، كما ساهمت جمعية ترقية المرأة الريفية لجانيت، حسب السيدة عبد الدايم، في تقريب النشاطات التقليدية من المرأة والمساهمة في بقائها وسطهن لفترة طويلة. كما اعتبرت المتحدثة أن وجود جمعيات تهتم بالمرأة الريفية زاد من إقبال الفتيات على تعلم مختلف الحرف الأخرى القادمة من مناطق متعددة من الوطن، على غرار الفتلة والمجبود المعروفة في منطقة العاصمة وضواحيها، بالإضافة إلى الحرف الحديثة كالرسم على الحرير والطرز الذي بدأ هو الآخر يستقطب شريحة كبيرة من الفتيات، وهو ما زاد من انتشار عدد الجمعيات بالمنطقة، وهو مؤشر كبير على حاجة فتيات المنطقة وشغفهن الكبير بتعلم حرف مختلفة تزيد في تحسين مستواهن. وقد خصصت جمعية ترقية المرأة الريفية، في هذا الخصوص، جانبا من نشاطاتها اليومية لتقديم دروس لمحو الأمية المنتشرة بشكل واضح في المنطقة والتقليل منها.