أكدت وزارة الشؤون الخارجية أمس أنها ''لم تعلم ولم تستشر''حول الإجراء الذي اتخذته فرنسا والقاضي بإجبار التجار الجزائريين الالتزام بتقديم تصريح مسبق بعدم طلب شهادة الإقامة وعدم الاستفادة من الخدمات الاجتماعية أو الطبية في فرنسا مقابل الحصول على التأشيرة، مشيرة إلى أن هذا الإجراء بمثابة حكم مسبق على نتيجة المفاوضات القنصلية التي ستبدأ قريبا بين البلدين اللذين لا تزال اتفاقية تعود إلى عام 1968 تحكم تنظيمات الهجرة بينهما. ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية أمس عمن وصفته بمصدر مقرب من وزارة الشؤون الخارجية تأكيده أن مصالح الوزارة ''لم تعلم ولم تستشر'' حول الموضوع المتعلق بالإجراء الجديد الذي قد يجبر أوساط رجال الأعمال الجزائريين الالتزام بعدم طلب شهادة الإقامة وعدم الاستفادة من الخدمات الاجتماعية أو الطبية في فرنسا. وأكد المصدر ذاته أن الإجراء الفرنسي ستكون له عواقب سلبية على الحركة التجارية بين البلدين، وسيضعف من حركية التجار الجزائريين المسافرين نحو باريس إن اتخذت دولة نيكولا ساركوزي هذا القرار، حيث قال المصدر نفسه في هذا الشأن ''في حالة التأكد من هذا الإجراء فإن ذلك يثير الشك في النية الحسنة لدى أوساط رجال الأعمال الجزائريين''. وتشاءمت الخارجية من النتائج التي يمكن أن تحققها المفاوضات القنصلية التي ستبدأ قريبا بين البلدين، والتي يعد ملف التأشيرة من أهمها، خاصة وأن اتفاقية الهجرة الموقعة بين البلدين تعود إلى عام ,1968 وصارت البنود التي تتضمنها لا تتماشى مع التغيرات التي طرأت، وفي هذا الشأن قال المصدر نفسه إن الإجراء الفرنسي ''يحكم مسبقا على نتيجة المحادثات القنصلية التي ستبدأ في المستقبل القريب''. وكانت وزارة الداخلية والهجرة الفرنسية قد أعلنت الخميس الماضي أن التجار الجزائريين ملزمون من الآن فصاعدا بعدم المطالبة بشهادة إقامة والاستفادة من خدمات اجتماعية أو طبية للحصول على تأشيرة للسفر إلى فرنسا، ما يعني أنها تريد من هؤلاء التجار تسويق بضائعها في السوق الجزائرية، إلا أنها لا ترحب بهم كمقيمين في ترابها، أو حتى للاستفادة من خدمات طبية في مستشفياتها. وقالت الوزارة إن ''فرض تقديم تصريح شرفي جاء بمبادرة من القنصل العام لفرنسابالجزائر''، وزعمت أنه ''يهدف إلى تبسيط إجراء الطلب على التأشيرة قصيرة المدى بالنسبة للتجار الجزائريين''. وبينت أنه ''في هذا التصريح يؤكد التاجر أنه لا يعتزم تقديم طلب للحصول على شهادة إقامة أو الاستفادة من خدمات اجتماعية أو طبية بفرنسا''، دون أن توضح السبب الذي يجعل التجار أولى المعنيين بهذا الإجراء، وعن الدوافع التي جعلتها تخضع الجزائريين فقط لهذا الإجراء مع العلم أن طالبي التأشيرة من بلدان أخرى حتى ولو كانوا تجارا لن يطبق عليهم هذا الإجراء والأكيد أن المتابع للإجراءات التي اتخذتها فرنسا في مجال الهجرة لن يفاجأ بهذا القرار، خاصة وأن وزير الداخلية الحالي بريس هورتفو معروف بتوجهاته العنصرية نحو المهاجرين فهو الذي كان قد قال في وقت سابق عند حديثه مع مهاجر جزائري أنه من الجميل أن يكون مهاجرون، ولكن ليس بكثرة، وهو الخطاب الذي قد لقي وقتها تنديدا واسعا في فرنسا. ومن جهتها، كانت السفارة الفرنسية بالجزائر قد نفت شهر جانفي الماضي وجود أية نية لدى باريس لمراجعة اتفاقية الهجرة الثنائية بين البلدين حاليا، والموقعة عام ,1968 زاعمة أنها ستقوم بهذه المراجعة في المستقبل إذا دعت الضرورة لذلك ويتخوف البعض من الإجراء الفرنسي أن يعيد العلاقات البلدين إلى سابق توترها الذي عرفته السنتين الماضيين، كونه يمس رجال الأعمال وقطاع الاقتصاد الذي عمل البلدان على اتخاذه جسرا لتطوير العلاقات بينهما، وذلك من خلال تعيين ساركوزي رئيس الحكومة السابق جان بيار رافاران كمبعوث خاص له مكلف بتحريك العلاقات الاقتصادية بين البلدين، إلا أن ما اتخذته الداخلية الفرنسية يوحي أن قول رافارن عند حلوله بالجزائر أواخر نوفمبر الماضي ''لقد جئت بهدف الإصغاء للسلطات الجزائرية للالتزم بالتالي بتوجهاتها''، وتأكيده على قرار البلدين ''الرامي إلى تعزيز التعاون مع مراعاة توجهاتهما التشريعية''، لم يكن إلا مجرد خطاب يصلح للاستهلاك السياسي فقط. وأشارت إحصاءات السفارة الفرنسية في الجزائر التي تم نشرها بداية العام الماضي أن عدد التأشيرات التي منحت للجزائريين عام ,2009 مثلت فيها تلك الخاصة بالمؤسسات ما نسبته 10 بالمائة من المجموع الكلي لطلبات التأشيرات، في حين مثلت تأشيرات الإقامة القصيرة ما نسبته 90 بالمائة، ثلثاها تأشيرات سياحية وعائلية? وكشفت تلك الإحصاءات أن نسبة رفض التأشيرات من قبل السفارة الفرنسية بلغت 30 بالمائة من مجموع الطلبات العامة المقدمة على مستوى القنصليات الثلاث بالعاصمة، وعنابة ووهران، وهي أعلى نسبة رفض على المستوى الإفريقي والمغاربي.