اجتماعان حاسمان حققا حلم الشعب بالانعتاق من نير الاستعمار أكد الدكتور بوضرساية بوعزة المحاضر بجامعة العلوم الإنسانية والاجتماعية ببوزريعة أن اجتماع 22 بالمدنية واجتماع الستة التاريخيين كانا بمثابة الانطلاقة الفعلية للثورة المباركة، مركزا على بعض المحطات التي عبدت الطريق لهذين الاجتماعين، ولعل أهمها تلك التي كانت عام 1947 وتأسيس المنظمة الخاصة الجناح العسكري للحركة من أجل انتصار الحريات الديمقراطية. وترأس هذه المنظمة المحترم من طرف الجميع والشخصية الفذة محمد بلوزداد الذي لم يسعفه الحظ في مواصلة العمل بعد المرض المزمن الذي أصابه، ليخلف مكانه حسين آيت احمد ليتم تنحيته من رئاسة المنظمة عقابا له نظرا لتورطه في القضية البربرية والقصة معروفة لا يسمح لنا المقام بذكرها تاركا مكانه لأحمد بن بلة، وبعد ذلك يتلقى الجيش الفرنسي ضربة موجعة كان بطلها محمد خيضر عام 1949 الذي قام بنقل الوفد المكون من عدة مناضلين للسطو على بريد وهران على متن سيارته الخاصة وقام الوفد آنذاك بشراء كمية معتبرة من السلاح. انكشاف أمر المنظمة الخاصة سلاح ذو حدين تم انكشاف أمر المنظمة الخاصة من طرف الشرطة الفرنسية السرية، وألقي القبض على أغلبية الأعضاء من أبرزهم أحمد بن بلة ومنذ ذلك الحين عاشت الحركة من أجل انتصار الحريات الديمقراطية فراغا رهيبا إلى غاية ,1953 حين انعقد مؤتمر في افريل من نفس السنة حاملا في طياته مجموعة من القرارات أهمها حل المنظمة كي لا يتأثر الحزب، إلغاء منصب رئيس الحزب والمطالبة بالتسيير الجماعي والمطالبة بحرق أرشيف المنظمة الخاصة. ومباشرة بعد هذا المؤتمر باشر التيار الثوري في التفكير وبجدية للكفاح المسلح وبذلك اجتمع القادة فيما يعرف باجتماع 22 أو 21 زائد واحد وهو صاحب المنزل، وانعقد هذا الأخير في المدنية، غير أنه شهد نوعا من الخلافات بين ما يعرف بالمصاليين والثوريين، وانبثق عن هذا الاجتماع مجموعة أوكلت لها مهمة تحديد زمان ومكان الثورة لأن الشيء الذي أخذ بالقوة لا يسترجع إلا بها. وبما أن الحرية تؤخذ ولا تعطى شرعت هذه الجماعة في الاجتماع وبسرية تامة وضم كما هو معروف كل من مصطفى بن بولعيد، ديدوش مراد، العربي بن مهيدي، رابح بيطاط، والمنسق محمد بوضياف، وفي إحدى الاجتماعات لوحظ غياب ممثل عن منطقة القبائل وتم الاتفاق على أن يكون كريم بلقاسم الممثل لهذه المنطقة وكان ذلك بمفاوضات عسيرة اقتنع من خلالها كريم بالعمل إلى جنب الثوريين ليصبحوا بذلك الستة التاريخيين، وقد اجتمع القادة مرارا في الحي العتيق بباب الوادي قبل التنقل الى الرايس حميدو، لتوالي تلك الاجتماعات ويصدر قرار جماعي مفاده من يتولى تحرير بيان الثورة والمعروف ببيان أول نوفمبر، فاقتصر الأمر على المثقف والصحفي محمد العيشاوي، وحرر البيان باللغة الفرنسية لأن جل المناضلين مفرنسون وبعد ذلك طرحت مسألة السحب، فكان الحل عند كريم بلقاسم الذي كان يحوز على آلة سحب اسمها ''رونيو'' فسحب البيان بمنطقة القبائل وبالضبط في قرية اسمها ''ايغيل ايمولا'' وهي القرية التي كان يقطن بها كريم بلقاسم ليأتي بعد ذلك اليوم الموعود وكان الاجتماع بين القادة الستة في بيت المناضل مراد بوكشورة يوم 23 أكتوبر 1954 وفيه تم تقسيم المهام والنقاط التي يجب التركيز عليها أثناء الهجوم في الفاتح نوفمبر ,1954 ووقع الاختيار على يوم الاثنين لعدة اعتبارات أهمها أن هذا اليوم صادف ذكرى المولد النبوي الشريف، وكذا واكب عيد القدسين قصد مباغتة العدو. للتذكير فإن الستة التاريخيين أضيف لهم وفد خارجي يضم كل من بن بلة محمد خيضر وحسين آيت احمد وتم توزيع البيان على الثوار عبر جميع أنحاء الوطن عن طريق المنسق محمد بوضياف، وانفجرت بذلك إحدى أعظم الثورات في التاريخ مستهدفة ثكنات العدو، مزارع المعمرين، كوابل الهاتف، نقاط البريد إلى أن جاء نصر الله في الخامس من جويلية .1962