قال أحد صحفي القناة الفضائية ''الحوار'' خلال حصة ''الرأي الحر'' التي تبثها، بحر الأسبوع الحالي ''إن الجزائر تحترم المواثيق الدولية بخصوص حرية الشعوب في تقرير مصيرها، عندما يتعلق الأمر بقضية الصحراء الغربية، بينما تلتزم الصمت ولا تأبه لهذه المواثيق في قضيتي فسلطين والعراق''، واستمر الرجل في غيه وانحيازه الواضح الفاضح قائلا: ''إن آلاف الجزائريين تضرروا من قرار غلق الحدود مع المغرب ". الصحفي الملتحق بقافلة المتحاملين على الجزائر لأغراض غير خافية لم يكتف بهذا فقط، بل استرسل في استرساله تأدية لطقوس الطاعة والولاء لملك المغرب بقوله ''إن الجزائر قد استقلت بفضل مساعدة المغرب لها". والحق كل الحق أن هذا الصحفي النموذج لعدد من غيره المبثوثين هنا وهناك عبر مختلف الفضائيات العربية، والذي فشل في ستر ولائه للعرش العلوي الجار الغربي للجزائر، في حركة يبدو أنها أصبحت فطرية او منعكسا شرطيا له ولأمثاله عبر العجز عن التحكم في طأطأة رأسه للملك الشاب وتقيبل اليد، كان شبيها بالذي حفر حفرة لأخيه فوقع فيها، أراد أن يذكر مساوىء الجزئر فذكر بمحاسنها وأعلى بمواقفها المشرفة. فالجزائر شعبا وحكومة مثلما يعرفها العالم به العدو والصديق والشقيق، ليست ممن يشدون العصا من الوسط ولا ممن يهيمون حيث تهيم الرياح سيما في القضايا التحررية في مختلف بقاع العالم، ولم تكن في يوم من الأيام متناقضة في مواقفها، ولم تبحر قط عكس التيار في القضية الفلسطينة ولا في الاتجاه المعاكس في قضية العراق. يكفي أن نذكر أمثال هذا الجاحد المدلس، ونعود به إلى سنة ,1988 والجزائر في عز الأزمة فتحت أبوابها وقلوب أبنائها على مصراعيهما لهذا الشعب المحتل، في الوقت الذي خبأت فيه عدد من الدول الشقيقة والصديقة رؤوسها في التراب خوفا من غضب الربيبة إسرائيل، ومقت الشيطان الأكبر على الرواية الخمينية، وحوّلنا أراضينا إيمانا بالقضية إلى أم ودود، تحتضن بشرف وعز ميلاد الدولة الفلسطينية على أرض المليون ونصف المليون شهيد. وقبل سنة ,1988 من لا يتذكر من العرب والغرب مقولة الرئيس الراحل هواري بومدين الخالدة '' نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة ". ولا نراكم تنسوا موقف الجزائر المعارض لاحتلال العراق، وما أكثرها المواقف الجزائرية المشرفة، حفظت ماء وجه العرب والمغرب العربي و الدول المستضعفة في قضايا تحرر الشعوب، في وقت آخر جيش الجار الغربي عسكره سندا لقوات الحلفاء وهي تدك عاصمة الرشيد في حرب الخليج الثانية سنة .1991 وإذا كان جدلا أن آلاف الأسر الجزائرية، مثلما ذكر الصحفي، قد تضررت من غلق الحدود مع المغرب، فهذا الرقم لا نشك أنه أضعاف مضاعفة عند الطرف الآخر، والذين يعانون الأمرين من غلق الحدود، بالدليل والحجة. والأرقام التي تطلعنا عليها وسائل الإعلام يوميا حول استفحال ظاهرة تهريب المخدرات إلى الجزائر وتهريب المازوت والمواد الغذائية والمواشي إلى المغرب، تترجم الواقع المزري للأسر المغربية، التي تقاضينا بالحياة الموت والفساد. كما أن مساعدة الشعب المغربي وغيره من الشعوب الحرة في العالم لثورتنا التحريرية المباركة أمر لا ينكره إلا جاحد أو مكابر، وبالمقابل لولا صولات وجولات أمثال بن بولعيد وبن مهيدي وسي الحواس وعميروش ما كان لهؤلاء أن ينالوا استقلالهم معجلا، بفاتورة ضخمة من الشهداء توحي وكأنها ضريبة لاستقلال المنطقة المغاربية برمتها. إن إشكالية الحدود الجزائرية المغربية لا تحلها شطحات الإعلام المغربي، ولا زغاريد المخزن، وإنما تحل عندما يدرك المغرب الشقيق والجار الأبدي أن العلاقة لا يمكن أن تختصر في مقايضة الموت بالحياة .. مقايضة الثروة ''بقش بختة وفناجل مريم''.