دعا برلمانيون وأساتذة جزائريون وأجانب أمس، بالجزائر، الأممالمتحدة، إلى تحمل مسؤولياتها في إنهاء الاستعمار في الصحراء الغربية، وأكدوا على الجانب الاستعجالي لمنح الصحراويين حقهم في الاستقلال وفق ما تمليه الشرعية الدولية· احتضن المجلس الشعبي الوطني لأول مرة في تاريخه أول ملتقى برلماني دولي للتضامن مع الشعب الصحراوي، تناول موضوع "تقرير مصير الشعوب، شعار السلم والتنمية"، شارك فيه برلمانيون جزائريون وآخرون يمثلون 11 دولة افريقية وأمريكية وأوروبية بحضور رئيسي المجلس الشعبي الوطني الجزائري والصحراوي السيدين عبد العزيز زياري ومحفوظ علي بيبا· وناقش المشاركون في اليوم الأول من هذا الملتقى الذي يدوم يومين وضعية إقليم الصحراء الغربية في نظر القانون الدولي، والتطورات التي عرفتها القضية في الأشهر الماضية أي منذ انطلاق المفاوضات بين طرفي النزاع شهر جوان 2007 · وشدد المتدخلون على ضرورة تحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته وفرض القانون الدولي بخصوص القضية الصحراوية وتمكين الشعب الصحراوي من تقرير مصيره وفقا للشرعية والمواثيق الأممية· وأوضح أكثر من متدخل أن مسار مفاوضات "منهاست" يجب أن ينتهي بمنح الصحراويين حقهم في تقرير مصيرهم، كما أشارت إلى ذلك بوضوح توصيتي مجلس الأمن لأفريل وأكتوبر 2007 · وأكد رئيس المجلس الشعبي الوطني السيد عبد العزيز زياري في كلمة ألقاها بالمناسبة، أن أزمة الصحراء الغربية التي طال أمدها لا تزال تشكل مصدر توتر في منطقة المغرب العربي وحلها مرهون باستئناف مفاوضات السلام بين أطراف النزاع المغرب والجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب وإجراء استفتاء حر ونزيه حول تقرير المصير، حسب ما نصت عليه قرارات الشرعية الدولية وبإشراف هيئة الأممالمتحدة· وأوضح بخصوص المغزى من الملتقى أنه يؤكد المواقف الثابتة للجزائر في الدفاع عن القضايا العادلة في العالم ويترجم إيمانها العميق وإسهامها الفعّال في تحقيق الأمن والسلم الدوليين· وأوضح أن مناصرة شعب الصحراء الغربية والتضامن معه هو تعبير صادق عن موقف إنساني وقانوني ومؤازرة أيضا لشعب أعزل يناضل من أجل نيل حقوقه في إطار أهداف سامية قوامها العيش بحرية وكرامة وأن هذا الملتقى الهام يحمل دلالة كبيرة ويعبر على تضامن البرلمانيين ودفاعهم المشروع عن القضايا العادلة وكذا وقوفهم إلى جانب الشعوب المظلومة وتضامنهم مع شعب الصحراء الغربية الذي طالت معاناته وانتهكت حقوقه، مما "يضع هيئات المجتمع الدولي أمام مسؤوليات أخلاقية وقانونية كبرى ويلزمها باتخاذ التدابير اللازمة للتسريع بتسوية النزاع"· ومن جهته شدد رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الأمة وأستاذ القانون الدولي السيد صويلح بوجمعة في محاضرة ألقاها، بالمناسبة تحت عنوان "تاريخ مبدأ حق الشعوب لتقرير مصيرهم" على الطابع الاستعجالي لحل القضية الصحراوية وإيقاف كل أشكال نهب الثروات الطبيعية والحقوق السياسية للشعب الصحراوي، موضحا أن تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية وتمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه في تقرير المصير يدخل في إطار المسار الذي انطلق سنة 1960 بالأممالمتحدة لإنهاء الاستعمار في كل مناطق العالم، مشيرا إلى رأي المحكمة الدولية الذي نفى وجود أي حق تاريخي للمغرب على الصحراء الغربية· وطالب السيد صويلح الهيئات الدولية بالعمل من أجل أن تٌرفع اليد عن المجالات الجوية والبرية والبحرية للصحراء الغربية وعدم استغلال موارد وثروات تلك الأراضي التي لازالت تحت الاستعمار· وفي محاضرة تحت عنوان: "الاستفتاء حول حق تقرير المصير"، ألقاها عميد جامعة سطيف سابقا وأستاذ جامعة الجزائر إسماعيل دبش، أكد على أطماع المغرب في الصحراء، مشيرا إلى تناقضات المغرب وتراجعه عن التزاماته السابقة التي وافق من خلالها على مخطط السلام الأممي سنة 1990 ثم هيوستن سنة 1997 قبل أن يتراجع عن التزاماته· وفضح الأستاذ دبش بالدليل وجه الاستعمار للمغرب، وقال: "كيف يزعم المغرب السيادة على الأراضي الصحراوية بينما قام هو باجتياحها سنة 1975 وتقاسمها مناصفة مع موريتانيا" ليخلص إلى نتيجة مفادها أن سياسة المغرب في الصحراء هي سياسة استعمارية تعكسها ممارسته ضد المواطنين العزل، موضحا أن الحل الوحيد للنزاع يكمن في العودة إلى صاحب الحق الذي هو الشعب الصحراوي عبر تمكينه من حقه في تقرير مصيره من خلال استفتاء حر ونزيه· وكان وفد صحراوي يقوده رئيس المجلس الوطني الصحراوي حل أول أمس بالجزائر للمشاركة في هذا الملتقى·واستقبل السيد زياري أول أمس، نظيره الصحراوي السيد علي بيبا وتطرقا إلى العلاقات الثنائية وسُبل تطويرها وكذا أواصر الأخوة والصداقة التي تجمع البلدين والشعبين· واتفق الطرفان خلال هذا اللقاء على ضرورة "تكثيف اللقاءات بين برلماني البلدين وتعزيز قنوات الحوار والتشاور بينهما خصوصا عن طريق تفعيل دور المجموعتين البرلمانيتين للصداقة والأخوة بما يخدم مصالحهما المشتركة"·