ظهرت الجاحظية أول أمس بوجه شاحب وهي تستضيف الأديب المصري صاحب روايتي ''عمارة يعقوبيان'' و''شيكاغو'' علاء الأسواني الذي يزور الجزائر لأول مرة، بسبب تحويل القاعة الى حلبة صراع ومناوشات كلامية بين الحضور الذي يمثل أغلبهم الطبقة المثقفة من إعلاميين وكتاب وسياسيين عجت بهم القاعة، بالنظر إلى أسئلتهم التي انحصرت مع الأسف في رواق الاستفهام المغرض الذي لم يخدم المحاضرة. علاء الأسواني الذي بدا مرهقا في ثاني نشاط له بالجزائر بعد المحاضرة التي ألقاها بالجامعة المركزية بالجزائر وفي غياب المسؤول الأول عن الجاحظية الروائي الطاهر وطار بسبب مرض ألزمه الفراش حال دون استقبال ضيفه، قرر ا إلغاء محاضرته التي كانت ستتمحور حول موضوع ''وضعية الأدب المصري المعاصر'' وأن يترك المجال مفتوحا للنقاش، غير أنه يبدو أن الأسواني لم يكن قد وقع علي الخيار الصعب حيث عم قاعة الجاحظية دقائق بعد انطلاق النقاش الصخب وساد جو من الفوضى والجدل الحاد، بين المثقفين بسبب سؤال استفز الضيف كما الحضور مفاده أن لا أحد من الجزائريين ولا من الحضور قرأ ولو كتابا واحدا للأسواني، وهو السؤال الذي أثار حفيظة الحضور الذين أثاروا بلبلة في القاعة، وبدوره لم يجد الضيف ما يعقب عليه سوى وضع يده على خده والتأمل بدهشة.. أكثر من هذا ما كان الحضور ليكفوا عن توجيه انتقاداتهم للأسواني سواء ما تعلق بأسلوبه الروائي الذي وصفه البعض بالمنحط أو من حيث موضوع الجنس الموظف بكثرة في روايته الأخيرة ''شيكاغو'' والذي شوه وأنقص حسب المتدخلين من قيمة الرواية، أو حتى من حيث حصر نجاح رواية ''عمارة يعقوبيان'' بالطرح السياسي الموظف في الرواية من خلال معالجتها لقضية التطرف الديني.. وكأن دعوة الأسواني إلى الجاحظية كانت مقصودة للحط من شأن وقيمة هذا الكاتب. ما يمكن استخلاصه من هذه الندوة أيضا أنها جاءت في شكل مجموعة ملاحظات في صورة انتقادات عشوائية وحادة، ربما لأن فضول الحضور كان سياسيا إيديولوجيا بعيدا عن مسار النقاش الحقيقي للندوة، أو أنهم حضروا فقط لإبداء سخطهم واستنكارهمللتفاصيل الجنسية التي جاءت في أعمال الأسواني، رغم أن الأسواني حاول أن يدافع عن أسلوبه هذا مؤكدا أن الجنس تجربة إنسانية وعلاقة طبيعية، وأنه ليس فكرة جديدة وإنما سبقه إليها العديد من الكتاب القدامى من أمثال الجاحظ، ليعود الأسواني ليصف انتقادات الحضور حول موضوع الجنس بلا حضارية عندما قال ''لا يمكن أن نكون متحضرين إذ لم نفهم الفن..''. ولم يجد الضيف الذي كان محاصرا بأسئلة نقدية ''مغرضة'' ما يجيب به السائلين إلا القول ''الأدب يعلمنا أن نتفهم الآخرين ولا نحكم عليهم.. كلنا نملك نوازع الخير والشر لكن يجب أن نعرف كيف نتحكم في نوازعنا الشرية..''. فكيف ونحن بلد يدعو إلى الحوار والثقافة نستضيف فيه شخصية ثقافية معروفة لنستقبلها على وقع مهازل باسم الثقافة. أصداء من القاعة أثار غياب الروائي والمسؤول الأول عن الجاحظية الطاهر وطار عن المحاضرة فضول الحضور، سيما بعد أن علم أن سبب غياب وطار راجع إلى مرض ألزمه الفراش حال دون استقبال ضيفه. تسبّب إلغاء محاضرة الأسواني حول ''وضعية الأدب المصري المعاصر'' واستبدالها بالنقاش المفتوح في إثارة بلبلة ومناوشات كلامية نتيجة خروج أسئلة الحضور عن الموضوع. امتلأت قاعة الجاحظية عن آخرها بالمثقفين والإعلاميين والسياسيين وحتى الفضوليين الذين جاؤوا من أجل علاء الأسواني، غير أن ضيق القاعة لم يسع ذاك الكم من الحضور، مما اضطر أغلبهم لحضور النشاط واقفين. تأخر علاء الأسواني عن الموعد المقرر بالجاحظية أكثر من 35 دقيقة ومع ذلك انتظره الحضور دون قلق. أرجع ضيف الجاحظية سبب استبدال محاضرته التي كانت مقررة بالنقاش المفتوح إلى ما أسماه بكثرة المنصات في العالم العربي التي تسبب عادة في غلق باب الحوار، وأن من يأخذ الكلمة لا يريد أن يتركها..