يعيش المواطن الجزائري هذه الأيام على أعصابه، جراء الارتفاع الفاحش في أسعار البيض، الذي أصبح بحق يرهق جيبه، أياما قليلة قبل حلول عيد الأضحى المبارك، حيث اجتمع عليه أمران، وكأن أولاد ''الجاج'' والكباش عقدا اتفاقية ثنائية على منع هذا المواطن البسيط في حقه من البروتينات، والكل يتذكر تك الحملة ذات المنفعة العامة التي كان التلفزيون الجزائري مسرحا لها أيام الأحادية، وهو يروج لاستهلاك البيض باعتبار طبق من 30 بيضة يعادل أكلها ما يفرزه كيلو غرام واحد من اللحم الأحمر. وإذا سألت عن السبب أجابك التجار أن أصحاب المداجن هم السبب، وإذا سألت هؤلاء ألقوا باللائمة على الدجاج شخصيا، متهمين إياه بالإضراب عن تقدم خدماته الجليلة للمواطنين، وهو نفس الحال مع الكباش مع اقتراب كل عيد أضحى، حيث يتنصل التجار والمضاربون من تحمل المسؤولية، وهم يرمون بها على ظهر الموالين، والموالون بدورهم يرمونها على ظهر الأحوال الجوية، ليبقى المواطن لا يمكنه حتى معرفة ضوابط ومعايير نشاط بورصتي البيض والكباش. والغريب في الأمر أن مجموعة من المضاربين يحسنون استغلال الفرص والمناسبات، لاسيما الدينية منها من أجل تجسيد شهوة الثراء الفاحش، على جماجم الضعفاء والزوالية، وتلك ضربة من ضرائب اقتصاد السوق الذي تسبب مؤخرا في أزمة مالية عالمية أكلت الأخضر واليابس، وبخرت آلاف الملايير من الدولارات في رمشة عين. والحمد لله أن اقتصادنا ليس بمستوى الاقتصاد الأمريكي أو الياباني، وإلا لحدثت الكارثة، ولا يستصغرن أحد بطولات هؤلاء مع البيض والكباش، لأن النار من مستصغر الشرر. من حظنا أن أمثال هؤلاء المضاربين عندنا المتخصصين في البطاطا، والبيض، والكباش على قدر كبير من التخلف، وقد كان الأحرى بأمثالهم من مضاربي نيويورك أن يستعينوا بهم في تعقيد الأزمة أكثر، وتبخير ما تبقى من أموال وودائع الناس. والأكيد الذي يتفق عليه العقلاء، أن الدولة لا يمكنها لوحدها ضبط الأمور في إطار السياقات الدولية والمحلية الراهنة، باعتبار الدور الأساسي على المواطن بمختلف شرائحه وطبقاته من خلال غرس ثقافة معينة تحول دون تكريس هذه المظاهر من البيت إلى الشارع