أجمع المتدخلون خلال الندوة الدولية الاولى للترجمة الأدبية بالجزائر''التي تتواصل فعالياتها بفندق الأوراسي، على ضرورة ان يراعي المترجم عند ترجمة النصوص الادبية خصوصيات النص الاصلي. واشترط هؤلاء وهم اساتذة وباحثون ومترجمون أن يكون المترجم على مستوى فكري لا يقل عن مستوى المؤلف حتى تكون الترجمة صحيحة ودقيقة. ترى الباحثة والمترجمة الهولندية ديزيري كينس في مداخلتها حول ''ترجمة الأدب الجزائري المكتوب بالفرنسية''. أن عملية الترجمة تشترط استخدام بعض الادوات لنقل الرسالة كاملة من لغة إلى لغة اخرى. وفي تتحليلها للأدب الجزائري المكتوب باللغة الفرنسية أشارت الباحثة إلى اسماء بعض الروائيين الجزائريين الذين اشتهروا في بعض الدول الأوروبية كونهم كتبوا باللغة الفرنسية من أمثال رشيد بوجدرة، كاتب ياسين، محمد ديب وآسيا جبار. وتساءلت كينس في هذا الإطار عن هوية هذا الادب إن كان أدبا جزائريا ام فرنسيا. وتعود المحاضرة لتؤكد مدى تعقيد المسألة الفرونكفونية التي صعبت على الباحثين والمهتمين تصنيف الكتاب الجزائريين الذين يكتبون باللغة الفرنسية. وربطت كينس سبب تحيز معظم الكتاب الجزائريين للكتابة بلغة المستعمر بظروف الحرب التي أثرت بشكل واضح على ثقافة هذا المجتمع. وهو ما يفسر - حسبها - مدى تاثير التطورات السياسية والاجتماعية لأي بلد على الإنتاج الأدبي. على صعيد آخر أثارت المتحدثة مسألة محدودية انتشار الكتاب الجزائريين الفرنكفونيين في بعض الدول الاوروبية على راسها هولندا والأراضي المنخفضة بسبب عدم تعامل هذه الدول مع اللغة الفرنسية، ''غير ان الكتابات الأدبية الجزائرية الناطقة بالفرنسية بدأت تعرف رواجا سيما في الفترة ما بين 1999 -2007 وهي الفترة التي عرفت تعميم اللغة الفرنسية في هذه المناطق'' تضيف المتحدثة. وفي سياق متصل أشارت الباحثة إلى اسماء بعض المؤلفين الجزائريين الذين عرفت اعمالهم في السنوات الأخيرة رواجا كبيرا في كل من هولندا والأراضي المنخفضة أمثال اسيا جبار، رشيد ميموني، بوعلام صنصال، ياسمينة خضراء، مليكة مقدم وغيرهم بسبب ترجمة اعمالهم لأكثر من لغة. من جانبه أكد الباحث الارجنتيني كارلوس الفارادو في مداخلته حول ''في ترجمة الأدب، ترجمة الأدب الجزائري''، ضرورة أن يراعي المترجم العديد من العوامل الثقافية عند ترجمة أي نص أدبي بهدف الاحتفاظ بالروح الأصلية للنص، وأن يتمتع المترجم بثقافات متعددة. وتوقف المحاضر عند ما أسماه بالتحديات التي ترافق النصوص الجزائرية الفرنكفونية في مقدمتها اختلاط الثقافة الجزائرية بالثقافة الفرنسية، ولتبسيط الأمر أعطى مثالا عن رواية ''نجمة'' لكاتب ياسين التي قال بشانها إنها نص ثري بالإسقاطات العربية لكن بخصوصيات فرنسية. وأشار الفارادو إلى تداخل اللغات في الجزائر الذي يتم -حسبه - بصمت كبير، وهو صمت يكتسي الكثير من الأهمية. وفي سياق مماثل دعا الباحث الارجنتيني المترجمين إلى التحلي بالإرادة والعزيمة والحذر في تعاملهم مع النصوص الأدبية وان يحتفظوا بالروح الاصلية للنص. ويذهب الباحث المغربي مصطفى حشلاف إلى نفس اتجاه الفارادو عندما يؤكد اهمية الشكل الذي يفرض نفسه من الناحية الفنية في أي عمل ادبي مترجم، موضحا في مداخلته حول ''جاك دريدا: المترجم بين المصداقية والإبداع'' أن التقليد امر ضروري في عملية الترجمة. يذكر أنه تتواصل اشغال الندوة التي شارك فيها عدد من الباحثين والمترجمين والكتاب ومسؤولي دور النشر من الجزائر ومن مختلف الدول العربية والأجنبية إلى غاية ال5 من ديسمبر الجاري.