لم تعد تجارة المخدرات والحشيش في المملكة المغربية التي تعد البلد المصدر رقم واحد برفقة كولومبيا وأفغانستان للقنب الهندي، تقتصر على مافيا فاس ومكناس وكازا بلانكا ووجدة الحدودية، التي لطالما وجهت بسمومها الممنوعات في اتجاه الجزائر وكافة دول العالم عبرها، بل تعداه لمن كان من المفترض أن يكونوا هم حماة الحدود والساهرون على صد الاتجار بالمخدرات، فمنذ زمن أثبت التاريخ أن كبار المسؤولين في الدرك والجيش والأمن الملكيين، كانوا أبطالا لمسلسلات التوقيفات بحقهم بعد ضبط كميات هائلة من الحشيش في أمكنة خاصة، وحتى في مساكنهم، أو تورطوا بشكل مباشر في أخذ رشاوى وعمولات مقابل هذه التجارة التي تمنعها شرائع كل الدول العالمية. وفي هذا الصدد، أفادت مصادر إعلامية مغربية، أن أجهزة الأمن المغربية أقدمت قبل مدة على تنحية قائد الدرك الملكي بمدينة وجدة الواقع على الحدود مع الجزائر، ومتابعته قضائيا على خلفية تورطه في المتاجرة بالكيف المعالج، حيث عثر بمقر سكنه على كمية كبيرة من الحشيش ومبلغ مالي هام يقدر بحوالي 135 مليار درهم مغربي، يرجح أنها من عائدات المخدرات، كما تم توقيف 8 ضباط درك لانتمائهم إلى نفس الشبكة المختصة في تهريب الكيف وتبييض الأموال. واستنادا إلى هذه المصادر، فقد أسفر تفتيش قائد الدرك الملكي بمدينة وجدة، وهو برتبة عقيد، عن حجز كمية وصفت ب''الهامة جدا'' من الكيف المعالج داخل مسكنه إضافة إلى 135 مليار درهم تفيد التحقيقات الأولية أنها من عائدات تهريب الحشيش، كما أوقف 8 ضباط من أتباعه لتورطهم في نفس القضية وتم تعيين نائبه شفيق داودي قائدا بالنيابة. وإذا كانت أوساط مغربية تدرج هذه القضية ضمن الحملة التي تشنها أجهزة الأمن المغربية على شبكات المتاجرة بالمخدرات وتطهير المصالح الأمنية، خاصة وأنه سبق تسجيل فضيحة الصائفة الماضية بعد توقيف ضباط سامين في الأمن الملكي لتورطهم في تهريب المخدرات منهم قائد الحرس الملكي المغربي، إلا أن مراقبين يستندون إلى عدم اتخاذ السلطات المغربية إجراءات ميدانية لمكافحة تهريب المخدرات والترخيص بزراعتها وعدم تشديد الرقابة على حدودها، ولا يستبعدون أن تكون ''الأزمة'' الناتجة عن التعزيزات الأمنية بالحدود الجزائرية والتي ترتب عنها تخزين مهربي المخدرات لسلعهم في ظل عجزهم عن تهريبها للجزائر وراء ''الإطاحة'' بقائد الدرك الملكي بمدينة وجدة الحدودية مع الجزائر، التي توجد بها مستودعات وكميات الكيف المعالج، خاصة وأن التحقيقات الأمنية استنادا إلى مراجع مغربية كشفت أن العقيد كان ''يرعى'' شبكة تهريب الكيف إلى الجزائر بالتنسيق بين شبكات مغربية وجزائرية ويمتد نشاطها إلى ليبيا ومصر. وكان عناصره يقومون بتأمين الطريق، ولا يستبعد أن تمتد التحقيقات إلى حرس الحدود المغربي (المخازنية) المنتمين لهذه الشبكة، الذين كانوا بدورهم يرخصون تهريب الكيف المعالج عبر الحدود، واعتمدوا تهريب كميات محدودة مؤخرا في ظل التعزيزات الأمنية بعد إحباط حرس الحدود الجزائريين محاولات تهريب قناطير من الحشيش انتهت بتحديد هوية بارونات المهربين منهم ضباط سامون في الجيش الملكي المغربي.