يكفي أن يحل شهر سبتمبر لتتوالى على من عاشوا مجزرة بن طلحة ذكريات تلك الليلة البائسة ، الناجون والشهود لم ينسوا شيئا من تلك الليلة القاتمة. لم ينسوا لا هرولة الشباب الذي كان يقوم اذا صح القول بحراسة ليلية قائلين ”راهم جاو – راهم جاو ” ولا المتفجرات التي اقتلعت أبواب المنازل ولا صفارات الإنذار التي أطلقها السكان للإبلاغ بالهجوم، ولا صوت الكلاشنيكوف المرعب ولا صدى الصراخ المتصاعد من البلدة، و لا عواء الإرهابيين الذي هو عبارة عن اشارة ليتجمعوا ، شهود عيان يعاني غالبيتهم اليوم من آثار سيكولوجية (نفسية) لم تعالج حتى الآن، حتى أن بعضها تحولت لأمراض عقلية. ناتجة عن المشاهد الشنيعة التي باتت راسخة في أذهانهم . تعود الذكريات في مثل هذا اليوم من 23 سبتمبر ككل عام إلى الذهن ويعود الألم معها ذكريات مع عدو خفي ، انتقل من منزل لآخر في حيّي الجيلالي وبودومي ، بعد أن قطعت الكهرباء عن البلدة الغارقة في الظلام والرعب.، تسللت فيها خفافيش سوداء دموية الى دائرة براقي وبالضبط بلدية بن طلحة، حاصروا مداخلها و مخارجها، جسوا نبض سكانها الأبرياء العزل بعد ان علموا على أبواب منازلهم بإشارات خاصة. قيل حينها أن امرأة من بن طلحة التحق أهلها بالإرهابيين كانت تدل القتلة وتقودهم بين المنازل. بدأت المجموعة عملها بواسطة الفؤوس والسكاكين وأدوات تستعمل لنحر الدواب و دوي الكلاشينكوف وسط الاهالي تعالى الصراخ والعويل، لم يفرقوا بين شيخ ولا طفل ولا امرأة ولا حامل، الكل يتوجس خوفا من الاياد الدموية التي لم ترحمهم ولم تراع أن هؤلاء هم بني جلدتهم امرأة حامل شقوا بطنها دون أدنى شفقة و عاطفة، رؤوس مقطوعة مرمية بأجساد مبتورة، نساء مغتصبة و ابدان اطفال في الفرن محترقة ، ليلة وحشية دامت لغاية طلوع ضوء الفجر ليخرج الإرهابيون بعد فعلتهم، من المنطقة كما دخلوها، أي من دون أن يعترضهم أحد على الرغم من أن وحدات الجيش لم تكن سوى على بعد مئات الأمتار. فلا صراخ الضحايا ولا إبلاغ من فروا دفع قوات الأمن للتدخل، وقال العسكريون إنهم لم يتلقوا أمرا بالتدخل لتستيقظ الجزائر في صباح اليوم التالي على وقع مجزرة بشعة قالت الحكومة انذاك إن ضحاياها بلغ عددهم 85 قتيلا، بينما أشارت تقديرات بعض المصادر المستقلة إلى وقوع 400 قتيل.