استطاع الفايسبوك منذ أول مسيرة سلمية في 22 فيفري الماضي، إقامة مجتمع مدني حقيقي أطر نفسه بتقديمه درسا في المواطنة للجمعيات والأحزاب السياسية التي فشلت في هذه المهمة منذ عشرات السنين. حيث تمكن الفايسبوك من صناعة وعي ناضج وغرس قيم المواطنة في الشعب وخاصة لدى الشباب الذي تفاعل وتحلى بالحكمة والتعقل وعدم اللجوء للعنف، يعتبره البعض صوت حراك الشعب ، و المرافق الوحيد له ، بعد أن ادارت وسائل الاعلام الاخرى له ظهرها بعدم تغطيتها لأهم أحداثه ، فليس بعيدا عن الصواب القول أن موقع فيسبوك هو المنصة الأشهر في الجزائر، والأكثر تفاعلا مع أحداث الحراك الذي لا يزال مستمرا لليوم . و هو ما اكده عمار عبد الرحمان ”للاتحاد” استاذ في تكنلوجيا الاعلام والاتصال بجامعة الجزائر 03 أنه ، لا يمكن لإنسان عاقل أن ينكر اليوم هيمنة مواقع التواصل الاجتماعي على الحياة الإنسانية برمتها، فالمتتبع لتطور هذه المواقع يدرك تماما سيطرتها الكلية على فئة كبيرة من البشر يتقدمها الشباب بصفة خاصة. ولعلّ الأمر نفسه ينطبق على المجتمع الجزائري، فعدد مشتركي الفايسبوك تعدى ال 24 مليون مشترك وهو رقم مذهل مقارنة بالعدد الإجمالي للمجتمع الجزائري والذي يوازي 45 مليون نسمة. موقع الفايسبوك وبصفة أقل الأنستغرام واليوتيوب وتويتر، مضيفا أن المواقع التواصلية لعبت أدوارا محورية بخصوص الحراك الشعبي الذي ذاع صيته بين الأمم، خاصة في الآونة الأخيرة التي شهدت تعتيما إعلاميا منقطع النظير بخاصة من القنوات التلفزيونية ( الخاصة والعمومية )، التي أحدثت قطيعة شبه كلية مع الحراك في جمعاته الأخيرة، مما أعطى مواقع التواصل الاجتماعي فرصة تقمص دور ” الإعلام البديل”، من جهة ليغطي عجز القنوات التلفزيونية ومن جهة أخرى ليكشف محدوديتها المهنية. لقد لعب الإعلام البديل دورا هاما في تنشيط الحراك الشعبي من خلال المنصات الإفتراضية، حيث كان يبادر بتقديم الأخبار أولا بأول مصحوبة بالصور والفيديوهات، مما أضفى نكهة إعلامية جديدة على الواقع الإعلامي بالجزائر، فالجدير بالذكر، أنّ الطبيعة تأبى الفراغ، وقد استغلت هذه المواقع الافتراضية الفراغ الإعلامي، لتنقضّ على الفرصة التي أتتها، وتتحوّل بفعل فاعل إلى منبر شعبي غير خاضع للرقابة. لقد تحوّلت ذات المواقع إلى لسان حال المجتمع وصوته الذي شهد تعتيما كبيرا من لدن الإعلام الواقعي، وهو ما دفع بالجزائريين إلى اعتماده كمصدر رسمي بديل عن الإعلام التضليلي بحسبهم.