شبكات التواصل الاجتماعي حفّزت الحراك السياسي في العالم العربي أكد باحثون أكاديميون وأساتذة جامعيون، أول أمس الخميس، بالجزائر العاصمة أن شبكات التواصل الاجتماعي عبر الانترنيت عامل محفّز للتحولات السياسية التي تشهدها بعض الدول في المنطقة العربية، داعين الى ضرورة التحكم فيها وترشيد استخدامها بما يخدم الصّالح العام. وفي هذا الإطار، أكّد الأستاذ بقسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر الدكتور صالح سعود خلال أشغال الملتقى الوطني الذي بادرت بتنظيمه جامعة الجزائر3 حول موضوع التحولات السياسية في الوطن العربي وشبكات التواصل الاجتماعي بحضور عدة أساتذة من جامعات الوطن، أن هذه الشبكات التواصلية الالكترونية على غرار ''الفايسبوك وتويتر..'' لعبت دورا رياديا في التغيّرات التي تشهدها المنطقة العربية، معتبرا أن العوامل الاجتماعية والسياسية الداخلية لهذه الدول غذّت بشكل كبير هذا الحراك السياسي منقطع النظير. وأضاف الدكتور سعود أن هذا المنطق هو ما تجسّد فعلا في عدة دول عربية على غرار تونس ومصر وليبيا .. وهوما اصطلح عليه بالربيع العربي. موضحا أنه بالرغم من التأثير الكبير لهذه الشبكات ومواقع التواصل الاجتماعي لاسيما على فئة الشباب في هذه الدول الاّ أن دورها لم ينجح في التأثير على الشباب الجزائري لقوة انسجامه ووعيه كل الوعي بالوسائل الكفيلة والسلسة لإحداث التغيير السلمي المنشود بعيدا عن مظاهر الفوضى والتخريب. وبدوره، أكد الدكتور ساعد همّاش من جامعة باتنة في مداخلة بعنوان ''شبكات التواصل الاجتماعي ودورها في الحراك السياسي العربي'' أنّ هذه المواقع التواصلية الاجتماعية خاصة ''الفايسبوك'' تبقى الأداة الرئيسية والرائدة في تحريك ما يصطلح عليه أخيرا بالربيع العربي وهذا بانتقال الحراك السياسي من المجتمع الافتراضي إلى الواقع المعيش، معتبرا أن هذا العامل ساهم لوحده بحوالي 70 بالمائة في تحقيق التحولات الديمقراطية في الدول التي مسها هذا الحراك. وقال المتحدث في هذا الإطار ''أن صفة التفاعلية والخدمات التي توفرها هذه المواقع بشكل مجاني تعد من بين العوامل التي ساهمت في نجاح هذا التواصل خاصة في ظل تأخّر الإعلام الرسمي في لعب دور جدّي في مناقشة المطالب المتجددة لمختلف شرائح المجتمع''. مضيفا أن الشباب اليوم أضحى يتحكم جيدا في استخدام هذه التقنية الالكترونية حيث تمكن من تجاوز التضييق الاعلامي المفروض عليه من قبل بعض الأنظمة السياسية العربية. ومن جهته، أوضح الأستاذ سعيد بومعيزة من جامعة الجزائر أن شبكات التواصل الاجتماعي ستبقى عاملا مرافقا للتحولات السياسية في المنطقة ومساهما في بلورة رأي عام حول قضايا وطنية معينة كالبطالة والسكن والتعليم وأكثر من ذلك التطلع إلى الديمقراطية والتحرّر في حال استمرار التضييق السياسي والإعلامي حول هذه القضايا المصيرية التي يعاني منها الشعب العربي. كما قدّمت الأستاذة أمينة نبيح من جامعة المدية عرضا مفصّلا عن التطور التاريخي لنشأة هذه الشبكات التفاعلية، مرجعة سبب ظهورها الى فئة الطلبة التي لعبت دورا محوريا في ذلك من خلال عزمها على استحداث فضاءات جديدة للتعبير عن آرائها بكل حرية وبدون قيود تمارس عليها. وفي هذا السياق، قدّم الأستاذ عبد الحق بن جديد من جامعة عنابة شرحا مستفيضا لموضوع التكنولوجيات الحديثة ودورها في تشكيل القيم السياسية داخل المجتمع، مشدّدا على وجوب الاستغلال الذكي لهذه الوسائل بصفة ايجابية في خدمة المنفعة العامة لكونها سلاحا ذاحدين يمكن استخدامه إما في البناء الوطني أوالتهديم. وفي الأخير، اتفق الأساتذة المشاركون في تنشيط فعاليات هذا الملتقى الوطني على ضرورة ترشيد وعقلنة استخدام هذه المواقع التواصلية والتعبير عن المطالب والرغبات المشروعة، مع حتمية تحسيس وتوعية المواطنين خاصة الشباب بالانعكاسات السلبية الناجمة عن التوظيف غير السّليم لمثل هذه التكنولوجيات. وللإشارة، فقد أشاد رئيس جامعة الجزائر3 الدكتور رابح شريّط خلال كلمته الافتتاحية بأبعاد وأهمية هذا الملتقى في بعث نقاش علمي بنّاء بين الباحثين والأكاديميين في مؤسسات التعليم العالي المهتمة بمثل هذه المواضيع وبلورة رأي عام وطني لفهم ما يحدث على الساحة السياسية العربية فهما صحيحا بعيدا عن التضليل الاعلامي الذي تمارسه بعض وسائل الإعلام والفضائيات العربية منها والأجنبية.