دعا المخرج المسرحي جمال قرمي إلى ضرورة تمثيل المسرح لخصوصيات المجتمع الجزائري واحترام الهوية الوطنية وذلك بعدم الجري وراء التقليد الأعمى للغرب ،يقول في هذا الإطار:" المجتمع الجزائري يحتاج إلى المسرحيات الترفيهية والإمتاع ،وكأنه على المخرج أن يقوم بدراسة سوسيولوجية لتركيبة ذلك المجتمع قبل أن يقدم أي عمل مسرحي للجمهور ويضيف :" لا شك أننا سنخلق كياننا المسرحي ولكن شريطة أن نثق في إمكانياتنا نحن وليس في ما عند الآخر ،علينا أن نطور ما في أيدينا ،أن نطور تقنيات الممثل ،أن نطور إلقاء الممثل ،أن نطور حركة الممثل ...نحن خلافا لأوروبا باعتبارها شعبا هادئا ساكنا ،نحن شعب حركة ،نتكلم بالحركة ،بالإيماءة ،وهذه قوتنا فلِمَ لا نطورها ؟" وغاص المخرج في حديثه ل " لاتحاد" في خصوصيات المجتمع الجزائري الذي مر بمراحل أقل ما يقال عنها أنها صعبة خصوصا ما تعلق منها بفترة العشرية السوداء التي عانى خلالها الشعب الجزائري كثيرا ،هذه الظروف حسب قرمي التي يجب أن تراعى في الأعمال المسرحية وصبغها بصبغة الترفيه والإمتاع البعيد عن السذاجة طبعا وهو ما يصطلح عليه في أبي الفنون ب"التجريب" يضيف في نفس السياق :" التجريب في الجزائر ،وفي الوطن العربي بصفة عامة مضى في سياق البحث عن الهوية فنحن نجرب بحثنا عن " من نحن؟" وليس ثورة على فلسفة ما ،كما حدث في أوروبا ،نحن جزء من كل ،نحن تكملة لثقافة الآخر ،أخدنا المشعل من عند الآخر لذا كان علينا أن نستمر بهويتنا ،ويؤكد قرمي أن الهوية تعني أن نتعامل مع ما هو لنا ،ما هو منا وواقعنا وتحليلنا للواقع الذي نعيشه وهنا يتشكل التجريب " إذن فإن التجريب في المسرح الجزائري حسب المخرج لا يكمن في إتباع الأفكار الغربية التي خلقت في ثقافة غربية بقدر ما هو انعكاس لمميزات المجتمع وثقافته هو وبخصوص المسرحيات التي أخرجها جمال مثل " القايدة حليمة "و"وزير وربي كبير"فقد أدرجها في إطار المسرح الساخر الذي يعتمد كثيرا على الحركة والكاريكاتير،أو ما يسمى ب"الكتابة الركحية "،والطابع الكوميدي الشعبي الذي يحمل الهوية الجزائرية الخالصة، كإدخال فرقة الزُّرنة والدف على الخشبة. وللإشارة فإن مسرحية " القائدة حليمة " تلخص المثل القائل " الطمع يفسد الطبع " حيث طمع العائلتين يجعلهم يتصرفون بطريقة هزلية ، كاريكاتورية وعبثية فتجيب المسرحية على سؤال كبير هو"هل السعادة تبنى بالمال ،أو بصفاء القلوب ،وحب الغير؟ يعتبر هذا العمل محاولة من المخرج استقراء ما يحدث في العالم من تغيرات، وإسقاط ما يتخبط فيه الوطن العربي بالخصوص من أحداث في إطار ما يعرف بالربيع العربي. أما مسرحية"وزير وربي كبير" التي أعاد من خلالها المخرج جمال قرمي بعث مسرحية "عمار بوزوار" المقدمة سنوات الثمانينيات موضوع الجشع وحب السلطة والزعامة في عالم السياسة وتقديمها في قالب هزلي وفكاهي حيث تتخللها مواقف مضحكة عبر شخصيات رمزية حركت مجريات القص، وتدور أحداث المسرحية الناطقة باللغة العامية حول شخصية "عمار بوزوار" السياسي الذي يطمح إلى أن يصبح وزيرا بأي طريقة كانت ولو بالتخلي عن المبادئ و الأخلاق أمام تشجيع زوجته عائشة.