إشكالية تنظيم معارض الكتاب، وصورتها في أعين الإعلاميين والمثقفين والقراء، كانت محل نقاش في الندوة التفاعلية، في الصالون العاشر للكتاب بوهران، أين اعتبر الدكتور عبد الله ثاني، أستاذ الإعلام بجامعة وهران، في مداخلته، أن ثقافة تنظيم المعارض حسب المقاييس العالمية المتعارف عليها والمعمول بها، غير متوفرة في الجزائر، وأن معارض كتاب في الجزائر، ما تزال بعيدة عن هذه المقاييس المتداولة. طالب المشاركون في الندوة، بضرورة الإسراع في الاعتماد على الكفاءات الوطنية، من الأجيال الجديدة من المثقفين والإعلاميين في تنظيم معارض الكتاب، وتحوليها من مجرد نشاطات ثقافية مؤقتة وعابرة، يغلب عليها الطابع الارتجالي والتجاري، إلى مستوى الفعل الثقافي الحقيقي، الذي يساهم في الارتقاء بمعارض الكتاب، وجعلها مساهمة في توسيع المقروؤية، ونشر قيم ثقافية جديدة. من جهتهم الناشرون، اعتبروا أن النماذج الدولية في تنظيم معارض الكتاب، يصعب تنفيذها في الجزائر، بحكم وجود الكثير من العراقيل والصعوبات، نتيجة البيروقراطية المتخلفة، التي تحول دون الوصول إلى هذه المستويات الحديثة، إضافة إلى أن أغلب الناشرين لا يمتلكون الخبرات والقدرات الكافية، لمسايرة هذه النماذج العالمية، ولا يتحملون تكاليفها، فبعض الناشرين لم ينخرطوا بعد، في الأساليب الإعلامية للتعريف باصدراتهم، كما أن معارض الكتاب لا تتبع بعمليات التقييم، ولا تسبقها إرادة التعاون وإشراك المختصين، من المثقفين والإعلاميين، ولا تزال معارض الكتاب، حكرا على الذهنية البيروقراطية المتخلفة.البعض حمل المسؤولية لوسائل الإعلام، التي يتجاهل بعضها تناول موضوع الكتاب، في الوقت الذي تعمل فيه كل المؤسسات على الترويج، والقيام بحملات اشهارية مكثفة ومكلفة، لتسويق منتجاتها من السلع والخدمات، وأن الكتاب من أهم المواد التي يفترض أن تجد الرعاية المناسبة، والاهتمام الكافي من وسائل الإعلام، حتى يمكنها ترسيخ قيم القراءة والمطالعة، وبالذات في أوساط الشباب من الأجيال الجديدة. كما تناول النقاش، مضمون معارض الكتاب، التي قال عنها أحد المتدخلين أنها مجرد فضاءات للتجارة، وعادة ما تخلوا من النشاطات الثقافية الحقيقية، التي تتناول القضايا الثقافية والفكرية اليومية، التي تشغل بال المواطن، فهذه المعارض حسب المتدخل، تدعو المواطن إلى الشراء ولا ترغبه في الحضور، إلى المناقشة والحوار، والاستفادة من الأفكار التي يفترض أن تكون الندوات والمحاضرات والمناظرات، صلب اهتمام معارض الكتاب، حتى تقاليد الاحتفاء بالإصدارات الجديدة وحضور المؤلفين وعرضها للجمهور، تكاد تكون غائبة، وإذا وجدت فهي تقام بطريقة بائسة. كما طالب المشاركون، من الناشرين، الانفتاح أكثر على المجتمع والنخب، والانتقال من مستوى اصدر الكتاب، إلى مرحلة صناعة الكتاب، والتي تتطلب إشراك مختلف الفاعلين في المشهد، زيادة على الاستفادة من الخبرات الدولية في هذا المجال، والابتعاد عن البيروقراطية والارتجالية، حتى يمكن الارتقاء بالكتاب وتوسيع المقروؤية، وتجسيد قيم ثقافية جديدة تساهم في تطوير المجتمع.