تسعى مختلف دول العالم بما فيها الجزائر لتحسين سياساتها الاقتصادية، في ظل تفاقم ظاهرة التضخم العالمية الحالية، وذلك من خلال بذل جهود حثيثة للخروج بأقل الأضرار من تداعيات هذه الأزمة العالمية التي عصفت بأقوى اقتصادات العالم. وفي هذا الصدد، قال الخبير الاقتصادي إسحاق خرشي، في اتصال ل "الاتحاد" أمس الأحد، أنه أمام تنامي معضلة التضخم وتداعياتها الوخيمة على أقوى اقتصادات العالم، ارتأت الدولة الجزائرية اتخاذ جملة من الإجراءات الاستعجالية في محاولة منها للحد من الآثار السلبية لارتفاع معدلات التضخم على القدرة الشرائية للمستهلك الجزائري. وفي هذا السياق، ذكر الدكتور خرشي، قرار تأجيل دفع بعض الضرائب وإلغاء بعضها الآخر، وكذا تنظيم السوق الوطنية، خاصة من ناحية التوزيع، ما سمح بتوفير بعض المنتجات الاستراتيجية التي شهدت ندرة وارتفاعا قياسيا في الأسعار قبل أسابيع وأشهر فارطة فقط، إضافة إلى عدة إجراءات أخرى، على غرار رفع النقطة الاستدلالية، تخفيض الضريبة على الدخل، وغيرها من الإجراءات التي ساهمت بشكل إيجابي في تخفيض معدلات التضخم في السوق الوطني مقارنة بعدة دول أخرى. وفي حديثه عن هذه النقطة، أشار المتحدث، إلى تكفل الدولة بتغطية الفارق في سعر القمح الذي ارتفع في السوق العالمي بثلاث مرات، وهذا ما انعكس إيجابا على أسعار المنتجات التي يعدّ القمح مادة أولية في تصنيعها، كالعجائن التي استقرت أسعارها مؤخرا بعد ارتفاع جنوني في وقت سابق. هذا، وأكد الخبير الاقتصادي خرشي في حديثه ل "الاتحاد"، أن الواضح هو أن هناك حرص شديد من الدولة الجزائرية لمعالجة إشكالية التضخم الموجودة والتي مست بالدرجة الأولى المنتجات الاستراتيجية، (الحليب، الزيت، السكر، اللحوم، الحبوب) لأن أي ندرة أو ارتفاع قياسي في أسعار هذه المنتجات الحيوية قد يمس بالاستقرار الاجتماعي وحتى السياسي لأي بلد. من جهة أخرى، وفي تطرقه لأبرز أسباب التضخم في الجزائر، قال محدثنا: "إن ارتفاع معدل التضخم في الجزائر يرتبط بأسباب خارجية تتمحور أساسا حول تداعيات جائحة كورونا على الاقتصاد العالمي، ضف إلى ذلك تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية، خاصة في شقها المتعلق بالمنتجات الاستراتيجية على غرار الحبوب، ما أدى إلى تراجع في العرض قابلته زيادة في الطلب". أما على الصعيد الداخلي، فأشار المتحدث إلى أن عدم التمكن من ضبط السوق الداخلي سواء من ناحية الإنتاج، التوزيع، أو من ناحية ضبط الأسعار يعد سببا آخر لارتفاع معدلات التضخم في الجزائر. هذا، وفي ختام حديثه، أوضح الخبير الاقتصادي إسحاق خرشي، إلى أن التوقعات تشير إلى أنه سيكون هناك تراجع في نسبة التضخم، بالعودة إلى تطمينات وزير الفلاحة الأخيرة حيث تحدث عن إعادة تنظيم الأسواق، وضبط عملية التوزيع، التي كانت أحد أبرز أسباب التهاب الأسعار، وعليه فمعالجة هذا الإشكال، تعني أن سيناريو ارتفاع الأسعار لن يتكرر مستقبلا، إلا في حال وجود عوامل وأسباب أخرى من الصعب التحكم فيها على أرض الواقع.