تحتفل الجزائر في الفاتح نوفمبر بالذكرى الثامنة والستون لاندلاع الثورة التحريرية، من أعظم الثورات في القرن العشرين، بعد نضال يمتد لسنوات وعقود بدءا بالثورات الشعبية إلى ثورة نوفمبر 1954. وتتزامن هذه الاحتفالات بانعقاد القمة العربية الواحدة والثلاثون لجامعة الدول العربية التي تستضيفها الجزائر، حيث يضع الكاتب بين يدي القارئ من نخب، باحثين وطلبة هذا الكتاب المتميز الذي يقدم فيه الأستاذ الدكتور فوزي أوصديق أهم الجوانب الخفية لدوس الاستعمار الفرنسي القوانين والأعراف الدولية، والقانون الدولي الإنساني من خلال أساليبه الوحشية في محاولته لطمس وإطفاء شرارة ثورة التحرير التي تعد من أعظم ثورات القرن العشرين. الكتاب يقع في 218 صفحة بحجم متوسط ومقسم إلى سبعة فصول ، وقد حضي الكتاب ومؤلفه بتقديم من قبل أحد قامات الجزائر الحديثة، المستشار القانوني للحكومة الجزائرية المؤقتة GPRA ، والوزير الأسبق للعمل والخارجية للجزائر المستقلة، مستشار ورئيس عدة لجان في الأممالمتحدة، ورئيسا سابقا لمحكمة العدل الدولية ، البروفيسور الدكتور أحمد بجاوي، أين عرج في تقديمه للكتاب إبرازه لشخصية المؤلف القوية وثناؤه لموهبته الاستثنائية في معالجته لموضوع الثورة التحريرية من بوابة القانون الدولي الإنساني، يشكر فيه محمد بجاوي المؤلف لعله يستذكر شبابه ونضاله إبان الثورة التحريرية من خلال نشاطه وكفاحه في شق الجانب الإنساني، والذي يستطرد مدى إنسانية وسلوك الجزائر المقاتلة التي احترمت القانون الإنساني في الأحراش، في الجبال والقرى على الرغم من كل الصعوبات والعوائق الثامنة في طبيعة هذا النوع من النضال من أجل التحرر الوطني . ويتذكر جيدا البروفيسور محمد بجاوي لحظة تلقي الحكومة المؤقتة الرسالة الرسمية في 20 جوان 1960 والتي أبلغت من خلالها الحكومة السويسرية بقبول انضمام الجزائر المقاتلة إلى اتفاقية جينيف ، والذي يعتبر انتصارا دبلوماسيا ذا أهمية كبيرة للثورة التحريرية، وانتصارا للهدف الإنساني الذي وضع نهاية تامة للقوة الاستعمارية في الجزائر منذ أن تم الاعتراف ببلدنا وأيضا وضعها على قدم المساواة مع دولة ذات سيادة كاملة، وإمكانية إلغاء الانضمام إلى الاتفاقيات التي أبرمتها فرنسا عام 1958 باسم الجزائر واستبدالها بعفوية جديدة يشرك فيها الشعب الجزائري، وهكذا تم الإعتراف بسلطة إبرام المشاهدات الدولية في الجزائر قبل عامين من استقلالها الفعلي. ومن خلال تقديمه الوزير الأسبق للخارجية الجزائرية لكتاب الدكتور أوصديق، يشير الوزير إلى اعترافه بخبرة أوصديق وكفاءته المؤكدة كقانوني دولي وخبرته العلمية الطويلة في مجال القانون الإنساني ، ثم يضيف الوزير بجاوي أن الوظائف السامية والرفيعة التي تقلدها الدكتور أوصديق في الشرق الأوسط، وفي الجزائر وعلى الصعيد الدولي أطلعته على جميع الجوانب الممكنة للقانون الدولي الإنساني وتطبيقاته اليومية في مجتمعات متنوعة وسياقات سياسية وتاريخية مختلفة، إنها التجربة الغنية التي قدمها بسخاء الدكتور أوصديق للقارئ في هذه الدراسة المدرسة لاحترام القانون الإنساني في السياق المجدد للثورة المسلحة للجزائر في نضالها من أجل استقلالها. ويرى البروفيسور بجاوي من خلال الكتاب أن القارئ سيجد في هذه الدراسة المقياس الصحيح جدا لانتهاكات القانون الإنساني من قبل القوة الاستعمارية خلال حرب التحرير الوطني، ويشير الوزير بجاوي إلى توظيف الدكتور أوصديق كل خبرته وعلمه لوصف المدى الكامل للانتهاكات الجسيمة لمبادئ وقواعد القانون الإنساني الراسخة من قبل القوة الاستعمارية التي كانت بالفعل تدين نفسها بنفسها.. كما يشير الوزير بجاوي من خلال تقديمه للكتاب أنه ليس من السهل سبر أغوار التاريخ بل أنه ليس من العسير جدا الغوص في أعماق تاريخ الثورة التحريرية المجيدة ودراستها من زوايا قانونية تثري الذكرى الوطنية والدولية ، فالقوانين حسبه تحمل في طياتها تضاربا وفجوات يمكن التلاعب بها. من خلال هذا الكتاب يرسم الدكتور فوزي أوصديق لوحة شاملة لتكملة المشروع الوطني المتجدد نحو استرجاع الحقوق كاملة ناصفة بدون مزايدة ولا غلو.