رغم التطورات التكنولوجية والعصرنة التي تشهدها الجزائر في الآونة الأخيرة كالإنترنت، وخاصة ظهور الجيل الثالث، إلا أنه ثمة خلط للمفاهيم في عقول الناس وتجسدت في تصرفاتهم حول مفهوم التكنولوجيا الحديثة، ويظل النقال واحد من أخطر الوسائل التكنولوجية على أطفالنا ، مما نتج عنه تصور خاطئ في الرؤية وظواهر جديدة انعكست بمجملها سلبا على واقع المجتمع في أدق علاقاته الاجتماعية والأسرية، وما بين حاجة الفتاة المراهقة أو القاصرة إلى اقتناء هاتف خليوي، وبين دعوى منعها من اقتناءه بسبب ما قد يترتب عنه من مخاطر وعواقب وخيمة، تطرح جملة من الأسئلة وعلامات التعجب توضحا آراء شريحة كبيرة من المجتمع.محطة الاتحاد الأولى كانت إلى متوسطة باستور، المتواجدة بالعاصمة حيث التقينا المعلمة ب.ن التي أكدت لنا أنها تشك أنه توجد فتاة لا تملك جوالا في جيبها، وهم من أكبر الأخطاء التي قد يقع فيها أولياء الأمور، فهم دون قصد يفتحون على أنفسهم أبواب جهنم على أنفسهم، يفتحون طريق الانحراف لبناتهم، حيث أن الهاتف النقال بات ضرورة لا يستغنين عنه، حتى أني في قسمي اضطر يوميا إلى توبيخ عدد من الفتيات اللواتي لا يحترمن أساتذتهن ويستعملن هاتفهن سواء لإجراء مكالمة،أو للاستماع لاغاني محملة على جهازهن، حتى أنني ضبطت عدة تلاميذ يغشون في فروضهم وامتحاناتهم عبر ال "أس أم أس" أو حتى السماعات "الكيت مان" أو "البلوتوث"، وهذا راجع للامبالاة المسؤولين والمدير الذين تهاونوا في تطبيق قانون ينص على التلاميذ احترام القانون الداخلي للمدرسة. الممنوع ..مرغوب أما يوسف معلم في ابتدائية المعراج بشارع العربي بن مهيدي بالعاصمة فيقول : الخطأ خطأ الأولياء، فلما تطلب المراهقة من أهلها جوالا، ليس عليهم أن يمسكوا عصا لإقناعها أنه ممنوع، وهو اعتقاد خاطئ، بل يزيد الطين بلة، خاصة أن القاصرة سنها يجعلها تفكر بمنحى آخر بعيدا عن العقلانية النضوج، وسيصبح الممنوع مرغوبا ، وبالتالي لا نستبعد بعدها أن تأخذ لنفسها نقالا بالسر وتخفيه عن أهلها بعد أن تكون قد أمنت قيمته من مصدر مجهول قد يكون من السرقة مثلا،أو حتى مصادر أخرى قد تكون بداية للانحراف، أو من مبلغ مستلف أو مصروفها اليومي. فلماذا نحل مشكلة بمشكلة أخرى ؟ يضيف يوسف، ولماذا لا نستبدل لعصا بشيء آخر أكثر نفعا يصل إلى أبعاد القاصرة وذلك بتوعيتها بخطورة حملها للهاتف النقال بعدة طرق كأن نعرض عليها مثلا جرائم من الواقع أسبابها نقل الصور والفيديوهات بالبلوثوث وان كانت الضحية لم تقم على لك، وما أكثر هذه الجرائم على صفحات الجرائد و وكل وسائل الإعلام وأرض الواقع، وفي نفس الوقت على الأهل أن يبينوا لبناتهم أن اعتراضهم ليس على ابنتهم الحاملة له، وإنما لعدم جدوى وجوده بحوزتها، وأنها عندما تتعدى هذه المرحلة ستزول الموانع، مع الأخذ بالاعتبار عند توجيه الفتاة معرفة أنها تعتبر نصحا وليس منعا، وان كان ذلك لا يقنعها إلا أنه يجب المحاولة دون الكلل. "سال المجرب وما تسالش الطبيب" المحطة الثانية كانت مع ليندة، طالبة بجامعة الحقوق تقول :الهاتف للفتاة بشكل عام ضروري ومتطلب حياتي، كونه يعتبر حلا في كثير من المواقف المتأزمة، أنا مثلا امتلكت الهاتف قبل دخولي الثانوية، ولم أجد ضرورة حمله وأهميته إلا عندما دخلت الجامعة، حيث اعتدت استعماله كي لا يتحير عليا أهلي عند تغيير مواعيد محاضراتي، لذا فلا أجد ضرورة لحيازة القاصر على هاتف خليوي لأنه لا ضرورة له، فبحكم تفكيرها المحدود وقد لا تميز بين المفيد والضار فيه، وقد لا تدرك أضرار ما تحمله بين يديها، خاصة أذا انعدمت الرقابة السرية، ومع ظهور التقنيات والخدمات الحديثة في أجهزة الموبايل، تزداد المشكلة عمقا تحديدا إذا لم يوضع خط فاصل وصور منيع بين فائدتها وضررها، وإذا كنا نحن الفتيات الجامعيات نقع في مطبات بسبب تقنيات كهذه فما بالك بفتيات مراهقات وماذا سيحصل لهن؟ وتضيف ليندة " شخصيا حدث وقعت في مطب،وأصبت بحالة من الذعر والهلع جراء تصرف أحمق سأشرحه لكم باختصار : في إحدى المرات قمت بالتقاط صور لأختي المتجلببة وهي متبرجة وتلبس لباس عرس بواسطة تليفوني المزود بكاميرا ثم حملتها على اللابتوب خاصتي ونسيت أن أحذفها من ذاكرة الهاتف، وفي اليوم الموالي، ذهبت وكالعادة إلى الجامعة فإذا بي بعد محاضرتي أتفقد حقيبة يدي، لم أجد هاتفي، فأصبت بهستيريا حادة وصلت بي إلى محاولة تفتيش زملائي، ومن شدة الخوف أخرجه أحد الزملاء من جيبه وهو يضحك ويقول أنها كانت مزحة منه فقط، ولكن الحقيقة أن هاتفي كان مزودا بكلمة سر، لا يستطيع أحد الدخول إلى قائمة الهاتف، بعد الحادثة مباشرة شعرت أنني أخطأت فقمت بإزالة كل الصور من الجهاز، ولولا رحمة ربي لكانت صور كل عائلتي على صفحات الفيسبوك والحمد لله أولا وأخيرا، وكما يقل المثل "سال المجرب وما تسالش الطبيب"، لذا مهما تطور الزمن وتعصرن لن أعطي ابنتي القاصر هاتفا نقالا إلا إذا سمح سنها لها بالتمييز بين الصح والخطأ، ونصيحتي للفتيات احذرن مما تحتويه هواتفكن. زوجتي لا تحمل نقالا.. فما بالكم بناتي ! أما عبد الرحمن فقد أبدى رأيه دون قيود وباختصار قائلا " إذا كنت لا أوافق على أن تحمل زوجتي نقالا، فكيف لي أن أوافق لبناتي، وقد أوصيت زوجتي حتى وإذا مت فلن يدخل لا الانترنت ولا الجوال منزلي بتاتا،كون حمل الخلوي خطأ جملة وتفصيلا، لذا فأحاول مرارا وتكرارا بتوعية بناتي بخطورة استعمال هذه التكنولوجيا المدمرة،أما عن قولكم إذا وجدت الثقة بيني وبين بناتي فأنا أخاف من أن يهزمهن الشيطان في أي وقت لذا أحاول سحق هذا الفراغ بما استطعت من أفكار. الهاتف شيطان والجيل الثالث إبليس المحطة الثالثة كانت مع الدكتورة بولعراس نصيرة وهي أستاذة جامعية حيث رحبت بفكرة الموضوع قائلة : الهاتف كان ولا يزال سلاحا ذو حدين، إذا أعطي للقاصر من غير إدراك لأضراره ومكامن الفساد في تقنياته هذا معناه أنها ستصبح ضحية لسوء الاستخدام وغياب الوعي الأسري، لذا قبل إعطاء الفتات هاتفا يتوجب على الأب والأم توعية ابنتهم بأضرار ومخاطر هذه التقنية جراء الاستخدام المسرف والذي يصل إلى حد الإدمان، وخاصة سوء استخدام تقنياته التي تتوفر عليها الهواتف الحديثة كالانترنت وخدمة "التشات" التي تقبل عليها الفتيات والصبيان على حد سواء بمبدأ التعارف والتسلية التي قد تتطور إلى علاقات قد تكون خطيرة على هؤلاء القصر، ثم ينتهي بهم الأمر إلى الخوض في المحرمات، دون نسيان خدمة البلوثوت المرتبطة بنقل المقاطع والصور الفاضحة اتلي تهدم البيوت وتدنس الأعراض، كما أن الهاتف يكون سببا لضياع الوقت والمال والإلتهاء عن الدراسة. بعدما حاربنا النقال العادي ... ظهر الجيل الثالث من جهتها تبدي ياسمين،أم لثلاثة أطفال وجهة نظرها كأم فتقول : برأي كأم الجوال للقاصر ليس بالضرورة، وإن استدعت الضرورة أن يكون للفتاة القاصر هاتفا، فلا بد للام الاحتكاك بابنتها ومتابعتها لها، ولكن دون التشديد في مراقبتها، وإنما بتنبيهها إلى عدم الإسراف في استخدامه أولا كونه مضرا بالصحة وسلامة الدماغ والأعصاب، وخوفا من الإدمان عليه وهذا أمر مجرب، فبسببه تعزل الفتاة نفسها في غرفتها حيث يبدأ الاهتمام ببرامج الترفيه والألعاب ثم تنساق وراء تقنياته كالبلوتوث، وتحميل الفيديوهات الفاضحة وخاصة إن كان الجهاز يحوي على خدمة الانترنت، خاصة الآن و قد ظهرت تقنية الجيل الثالث، لذا يجب المراقبة ثم المراقبة، كي لا تلتهي الفتاة عن دراستها، وألا تقع في شباك المتعة الشيطانية، والضياع بالتدريج، وإذا لزم أن تحصل الطفلة على جوال، فعلى الأولياء مراقبتها، ويجب استعماله في العلن وليس كلما رن هاتفها تتوارى عن الأنظار، وعن نفسي تقول ذات المتحدثة لن أسمح لابنتي أن تقتني النقال إلا بعد تعديها مرحلة المراهقة،وفي حدود لأنني أبصم بالعشرة أنه خراب الشباب وتبلد عقولهم وضياعهم وفسوقهم، فهو كغيرهم من التقنيات الحديثة التي تقود أطفالنا إلى الانحراف. المسؤولية متكاملة ومشتركة.. ثمة سؤال يطرحه الأهل و الآباء يتعلق بكيفية إقناع بناتهم بمخاطر النقال وكل التكنولوجيات الحديثة التي تقود إلى الفسق، عن ذلك ترد الأستاذة نورية زواري : للأسف أصبح معلوما اليوم أن القاصرات يفكرن بالمظاهر فقط، فنجد المراهقة بكامل زينتها، والجوال بيدها، حديثا ومزودا بكل تقنياتها اللازمة دون إدراك ما تحمله بين يديه من سلاح فتاك كان السبب في خراب العائلات الأكثر تماسكا، وسببا رئيسيا لأبشع جرائم القتل و فضائح العار.. لذا لزم علينا كأمهات وأولياء أمور وخاصة نحن كأخصائيين اجتماعيين أن نوعي القاصرة بأضرار الجوال قبل ذكر فوائده، وهذا الدور "الأخصائية الاجتماعية في المدرسة " دور تكاملي ومشترك لا يأتي بالتأكيد إلا بعد أن يسبقه دور الأهل في البيت حيث عليهم ان ينسوها برغبتها في الجوال وادماجها في رياضة ما مع صديقاتها وتحفيزها على المطالعة. الأخصائيون يحذرون وحتى نستوضح ماهية الإشكالية الاجتماعية للنقال وخاصة بعد دخول تقنية الجيل الثالث واستخداماته الخاطئة من قبل القصر فإننا نترك للأخصائيين الاجتماعيين أن يتناولوا الموضوع من جهتهم على صفحات الاتحاد : يقول الدكتور زيغود مخلص أستاذ جامعي وأخصائي نفساني منذ أكثر من خمسة وعشرين عاما عن حمل القصر للجوال يشير الى وجود مشكلة ما، وهي بالتأكيد تكملة لشيء ما ينقص الطفل إما من جهة الأولياء وأما من جهة تكوين صداقات لذا يلجأ الطفل إلى التباهي بهذه التقنيات الحديثة لجلب اهتمام الآخرين، والتباهي أنه على الموضة، لذا أقول وأأكد يجب ثم يجب على الأهل والمعلمين الإشراف على هذا الطفل وخاصة الفتيات لأنهن أكثر عرضة للضرر الناتج عن الجوال، لذا يكون من المنطقي عدم حيازتها لا على الهاتف ولا الانترنت دون المراقبة حتى لا تضيف الأسرة على عاتقها عبئا آخر ، خصوصا أن الخدمات الهاتفية ليست مجانية،فهل مجتمعنا أبح في حالة ميسورة؟ هذا سؤالي الذي أوجهه لهم.