أحيانا نمر بمواقف وأحداث مؤثرة بحيث لا يمكن نسيانها مهما فعلت بنا صروف الزمان، ربما لأنها كانت مصيرية بالنسبة لنا أو لأناس يعيشون حولنا..ووفق تصور إنساني حول ما يمكن القيام به من حماية للأرواح وانقاد العديد من المرضى من الموت، يعد الدم المادة الحيوية الوحيدة التي لا يمكن تصنيعها، ولابد أن تأتي من الإنسان السليم صحيا للإنسان المريض المحتاج إليها من أجل العلاج، ويعتبر التبرع بالدم الوسيلة الوحيدة لحصول المرضى على ما يحتاجونه للبقاء على قيد الحياة. وحسب تصنيف الفصائل الدموية المتعددة فإنها تتوزع مابين الفصائل دموية متوفرة وأخرى نادرة من قبيلO- وO+ وA- وA+.، لذلك لابد من التحلي بالوعي الثقافي الذي من شأنه أن يشجع على التبرع المستمر لفائدة المرضى ممن هم في حاجة ماسة للدم. تحتفل اليوم دول اتحاد المغرب العربي باليوم المغاربي للتبرع بالدم، وببرنامج موحد، وذلك بناءا على توصية صادرة عن المجلس الوزاري المغاربي المكلف بالصحة، ومن المنتظر أن يتخلل هذا اليوم المغاربي إقامة مراكز تبرع في الجامعات والمرافق العمومية ومراكز التجمعات البشرية، بالإضافة إلى بث برامج توعوية في وسائل الإعلام، بأنواعها المكتوبة والسمعية والبصرية. المشتقات الدموية مصدر الحياة الوحيد الذي لا بديل له وباعتبار المشتقات الدموية مصدر الحياة الوحيد والذي لا بديل له في الصيدليات لكثير من المرضى، وهذا ما يضاعف معاناة المرضى في الكثير من المدن الجزائرية، ليضطر هؤلاء إلى البحث عن متبرعين لفائدتهم حتى يحصلوا على الدم اللازم للعلاج و الاستمرار في الحياة، فلابد إذن من سلوك يصل بنا إلى ثقافة للتبرع بالدم تكون سليمة وبعيدة عن كل المفاهيم الخاطئة التي تعيق قيم والتكافل الاجتماعي، حيث يمكن لأي طرف التحسين من أدائه من أجل الرفع من معدل التبرع بالدم في مجتمعنا الجزائري والوصول به إلى معدل يليق بما يحمله التبرع من قيم إنسانية نبيلة.فالتبرع بالدم سلوك عمل إنساني نبيل لأنه يساهم في إنقاذ حياة آلاف المرضى، والحالات الطارئة التي تحتاج لكميات من الدم لا يمكنها الانتظار حتى لساعات في بعض الأحيان، لذلك على كل جزائري أن يعي ويحسس بالقيمة المعنوية له داخل المجتمع ارتباطا بالوازع الديني باعتبار التبرع صدقة جارية. ومن المعروف أن الدم إذا حفظ بالطرق السليمة يكون صالحا للاستخدام لأربعين يوما بعد جمعه من المتبرعين. إحياء لليوم المغاربي للتبرع بالدم وبمناسبة اليوم المغاربي للتبرع قام العديد من الأطباء والمختصين إلى غرس ثقافة التبرع التطوعي، من خلال نشر الوعي وتثقيف أفراد المجتمع بأهمية التبرع بالدم، لتلبية الاحتياجات المتزايدة للمرضى، وانطلاقا من أن التبرع بالدم هو عمل إنساني نبيل، يسهم في إنقاذ حياة آلاف المرضى، الذين هم في أمس الحاجة إلى نقل الدم، وفي الوقت نفسه لا يسبب ضررا على صحة المتبرع، كما أبرزوا أهمية التبرع المنتظم بالدم بوصفه هبة منقذة للأرواح. وتشجيع الأشخاص الذين تم إنقاذ أرواحهم عن طريق الحصول على تبرعات الدم، كما حفزوا المتبرعين المنتظمين على مواصلة التبرع بدمائهم وتشجيع الأصحاء الذين لم يسبق لهم التبرع بدمائهم، وخاصة الشباب منهم. التبرع اختيار واع وواجب إنساني وفي هذا الصدد يقول الدكتور فاروق ع طبيب الأمراض السرطانية بمستشفى مصطفى باشا "من الواجب الاجتماعي والصحي أن نتبرع وننشر ثقافة التبرع، على اعتبار انه خلال كل ثلاث ثوان هناك شخص يحتاج إلى نقل الدم، وواحد من كل عشرة مرضى يدخلون المستشفى في حاجة إلى نقل الدم، ودم متبرع واحد يمكن أن ينقذ ثلاثة أشخاص وليس شخصا واحدا في ظل عدم وجود أي بديل اصطناعي للدم ومشتقاته، كما أن المتبرع بالدم يستفيد صحيا من الحصول على نتائج فحوصات الدم الخاصة به كفصيلة الدم والكشف عن أمراض مثل: الزهري – السيدا – الالتهاب الكبدي من نوع ب و س، وهنا لابد من محاربة العديد من المفاهيم الخاطئة المتداولة، من قبيل عدم التبرع بالدم خوفا من بيعه، والخوف من الأمراض المتنقلة، أو الإصابة بفقر الدم، بمعنى أن التبرع بالدم لا يمكن أن يكون مهما لدرجة أن اجعله من أولوياتي فأجد له وقتا ولو مرة في السنة".وفي شرح له عن الدم بضيف الدكتور" يعتبر الدم علاجا حقيقا للكثير من المرضى من خلال مشتقاته الأساسية، حيث إن الدم كسائل يتكون من: الكريات الحمراء التي تتجلى مهمتها في نقل الأوكسجين إلى الخلايا، والكريات البيضاء والتي يتمثل دورها الدفاع عن الجسم من أي خطر خارجي، ثم الصفائح الدموية التي تمنع تسرب الدم خارج العروق و لها دور فعال في تخثر الدم، فالبلازما كسائل تسبح فيه جميع الخلايا السالفة الذكر و يتكون من البروتينات بالإضافة إلى عوامل تخثر الدم ومواد أخرى، فيساهم كل ذلك حسب الحاجة في علاج فقر الدم المنجلي وفقر الدم وفقر الصفائح الدموية وسرطان الدم أو اللوكيميا، ومرض الناعور ومرض فيلبرون، وحالات النزيف عند الولادة وغيرها وحالات عدم التوافق بين فصيلة دم الأم والطفل، وأمراض السرطان والحروق. مفاهيم خاطئة آن الأوان أن تختفي ويضيف الدكتور حمو.أ طبيب عام أن الأمل يبقى ضئيلا وغير كافيا مقارنة بحجم الطلب على الدم الذي من شانه إنقاذ حياة العديد من المرضى، وأرجع عزوف الجزائريين عن التبرع إلى الخوف و المفاهيم الخاطئة التي تجعل الكثير يرفضون فكرة التبرع بدمهم مرجعين ذلك إلى خوفهم من حمل أمراض فيروسية خطيرة خلال العملية، ويردف قائلا:"تخيل أن حياة شخص ممكن أن تتوقف على كيس دم واحد. دعوة المواطنين لملأ خزانات بنوك الدم وقد أطلقت الفيدرالية الجزائرية للمتبرعين بالدم حملات توعية واسعة عبر مختلف مستشفيات العاصمة تدعو فيها جميع المواطنين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و65 سنة و الذين يتمتعون بصحة جيدة إلى التقرب من مختلف بنوك الدم لتقديم يد المساعدة و التبرع بالدم في الوقت الذي يعرف فيه عزوف عن التبرع بالدم في أوساط الجزائريين، وموضحة أن هذا العمل الخيري المنسق مع وزارة الشؤون الدينية و الأوقاف من شأنه إعادة الأمل والبسمة إلى شفاء أولائك الذين يتألمون في صمت أملا في الشفاء و الحصول على قطرة دم، كما تهدف هذه المناسبة إلى إشراك كافة المجتمعات خاصة فئة الشباب مع تطوير البرامج الوطنية للتبرع بالدم قصد زيادة عدد المتبرعين المتطوعين. حكمة إلهية من الطبيعي أن تتجلى الحكمة الإلهية في الجسد الإنساني، وفي طرق وصور علاجه، فجعل الله تجلت قدرته - علاج الكثير من الأمراض والحوادث التي يتعرض لها البشر يحتاج إلى دعم جسدي تطوعي من الجسد المعافى السليم إلى الجسد المريض المعتل، وهذا الدعم بما يمثله قد يكون في صورته البسيطة، وهي التبرع بالدم، الذي يمثل الغوث والمساعدة في التغلب على المرض، أو يساعد في الإنقاذ من الموت في أغلب الحالات التي تستدعي نقل الدم، قال تعالى: (وفي أنفسكم أفلا تبصرون). [سورة الذاريات، آية 21]. وقال صلى الله عليه وسلم : (.... كمثل الجسد الواحد). [رواه البخاري ومسلم]. بما يجعل المرء في حاجة دائمة لأخيه الإنسان أن يقدم له دعما روحيا في حالات شدته، ودعما روحيا وجسديا في حالات مرضه، حتى وإن كانت لديه القدرات المالية التي يستطيع بها العلاج والدواء، فسيبقى التبرع بالدم من أجله عملا تطوعيا خيريا يراد به وجه الله، حكمة الله، وإعجازه في خلقه. لقوله تعالى ( و من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ).