شهدت باريس مظاهرة حاشدة لمساندة الشعب الفلسطيني، ودعم لامقاومة الشعبية للاحتلال الإسرائيلي. وتم تنظيم المظاهرة تحت شعار «من أجل فصل مجلس ممثلي المؤسسات اليهودية في فرنسا عن الجمهورية «، في إشارة إلى الدور السلبي الذي يلعبه اللوبي اليهودي والصهيوني، في ما يخص القضية الفلسطية في فرنسا. وجاء تنظيم المظاهرة على يد عشرات المنظمات والجمعيات الفرنسية المساندة للقضية الفلسطينية، رغم عدة محاولات بمنعها، لكنها باءت بالفشل. وشهدت المظاهرة تعزيزات أمنية مكثفة، خوفا من الانفلات الأمني وحضورا كبيرا لقوات الشرطة التي طوقت كل الطرق المؤدية إلى ساحة «شاتلي»، وقامت بتفتيش المشاركين في التظاهرة قبل دخولهم للساحة، كما تم إغلاق محطات الميترو القريبة خشية أية اشتباكات مفترضة، بين الداعمين والرافضين للمسيرة، خصوصا بعدما هددت ما يعرف ب «رابطة اليهود»، على وسائل التواصل الاجتماعي عددا من الناشطين، مؤكدة أنها ستكون حاضرة أيضا. وتجمع المئات من المتظاهرين حاملين يافطات منددة بالاحتلال الإسرئيلي والأعلام الفلسطينية. وحمل المحتجون يافطات من قبيل «قاطعوا إسرائيل»، و «إرفعوا الحصار عن غزة «و «إسرائيل دولة مجرمة» و»فلسطين ستعيش، وفلسطين ستنتصر». كما رفعوا شعارات تطالب بدعم الشعب الفلسطيني، وطالبوا بإنهاء سياسة الاستيطان، ووقف قتل الفلسطينيين، وانتهاك حقوق الأطفال والنساء والمدنيين العزل. وجاء في مداخلة لأحد الناشطين الفرنسيين، مون جيلاس، ويرأس جمعية إنسانية في مدينة بوزون، في الضاحية الباريسية، تقدم كل أشكال الدعم للأطفال الفلسطينيين، أن» الاحتلال الإسرائيلي دولة مارقة اغتصبت حقوق الشعب الفلسطيني، بمساندة الصهيونية الفاشية». وأضاف «سنواصل دعم الشعب الفلسطينيي لاسترداد كل حقوقه كاملة. تحيا فلسطين، وليسقط نظام التفرقة العنصري الاسرائيلي». وفي مداخلة أخرى، شنت آية رمضان، وهي عضو في حزب يساري فرنسي يدعى «ليزانديجان دو لاريبيليك»، هجوما عنيفا على ما أسمته «تواطؤ الدول الأوروبية الاستعمارية بينها فرنسا في سرقة أرض فلسطين، ومنحها لإسرائيل». وأضافت «منذ 69 عاما والشعب الفلسطيني، يقاوم من أجل استرداد حقه وأرضه. إنها قضية تحرير وطني ضد مستعمر غاشم. الاستعمار الاسرائيلي لفلسطين هو استعمار أوروبي أيضا لأنه هو من دعمه وسلحه». واستطردت قائلة «نحن لسنا في عداوة مع اليهود ولكن نحن نقول أن مجلس الديانة اليهودية في فرنسا، مرتبط بالصهيونية، ويمنع فرنسا من الاعتراف بدولة فلسطين». كما طالب عدد من الناشطين بإنزال عقوبات دولية ضد دولة الاحتلال لمنعها من مواصلة الاستيطان وسرقة الأراضي الفلسطينية. كما استنكر المتظاهرون «تواطؤ النظام المصري مع دولة الاحتلال الاسرائيلي». عمدة باريس تفشل في منع المظاهرة في المقابل، خرج عشرات من الصهاينة والمتعاطفين مع الاحتلال الإسرائيلي، رافعين أعلام إسرائيل، كما حاولوا الاشتباك مع المتظاهرين لكن قوات الأمن منعتهم من ذلك. ورفعوا شعارات تصف المتظاهرين الداعمين للقضية الفلسطينية ب «الإرهابيين» و « المجرمين». وكانت السلطات الأمنية في العاصمة باريس قد سمحت بتنظيم هذه المسيرة الشعبية المساندة للفلسطينيين، رغم عدة مطالبات ومحاولات بمنعها، تحت ذريعة أنها «معادية للسامية». وشدد بيان السلطات على أن «أن أهداف المنظمين لا تتضمن أي تحريض على العنصرية أو كراهية اليهود، وأن تنظيمها لا يشكل خطرا على الأمن العام». وكانت عدة منظمات موالية لإسرائيل وبعض الشخصيات السياسية استهجنت قرار السماح لتنظيم المظاهرة، ومارست ضغوطا شديدة لمنعها لكنها لم تفلح في ذلك، بعدما تأكد بأنها لا تحمل أي شعارات عنصرية أو تحرض على اليهود كما زعمت عدد من المنظمات الصهيونية، وكان أبرزها فرانسيس خليفة، رئيس «مجلس ممثلي المؤسسات اليهودية في فرنسا»، الذي دعا صراحة إلى منع المظاهرة، متهما إياها ب «التحريض على العنصرية ومعاداة السامية». وأضاف «المظاهرة تقول بشكل مبطن أن مجلس ممثلي المؤسسات اليهودية يؤثر على قرارات الحكومة الفرنسية، مما يعني أن اليهود يسيطرون على الحكم في فرنسا. إنه تحريض على كراهية اليهود». كما راسل فرانسيس خليفة رئيس الحكومة برنار كازنوف وطالبه بمنع المظاهرة. وكانت عمدة بلدية باريس آن هيدالغو، قد دخلت على الخط، وحاولت منع تنظيم المسيرة، بعدما بعثت برسالة إلى مدير أمن باريس مساء يوم الجمعة من أجل تحذيره من تبعات تنظيمها. وقالت في رسالتها « إن هذه التظاهرة وشعارها يسوق لأفظع الصور النمطية عن اليهود، وهي هي بمثابة تحريض ضد اليهود ومعاداة للسامية»، واعتبرت أن التظاهرة تتضمن «انتهاكات خطيرة للأمن العام «. واستهجنت بشدة منظمة «التضامن أوروبا فلسطين» تصريحات عمدة باريس. وقال نائب رئيس المنظمة، نيكولا شهشهاني «هذه الاتهامات تعتبر تشهيرا وافتراء. لأنه يعني أن كل من ينتقد إسرائيل وسياستها يصبح معاديا للسامية ولليهود».