أكد الخبير الأمني أحمد ميزاب إن الجزائر تحولت إلى مدرسة تقدم دروسا في السلم والمصالحة بعد نجاح تجربتها في المجال مؤكدا أن هذه التجربة سمحت للجزائر بالخروج من عنق الزجاجة وتحقيق التميز في كافة الميادين. وتحتفل الجزائر في 29 سبتمبر الجاري بالذكرى الثالثة عشرة لمصادقة الشعب الجزائري بالإجماع (97 بالمائة) في استفتاء شعبي على ميثاق "السلم والمصالحة الوطنية" الذي اقترحه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ، استكمالاً لقانون "الوئام المدني" الذي كان أصدره في عام 1999 ما شكل مرحلة مفصلية في تاريخ الجزائر المعاصرة، ووضع حدا فاصلا بين سنوات الدم والدموع وأخرى مشرقة استعادت معها الجزائر بهجتها ورونقها. وأوضح ميزاب في حوار مع "موقع الإذاعة الجزائرية" أن " الجزائر تحولت اليوم إلى مدرسة كبيرة تقدم دروسا في مجال السلم والمصالحة وتسوية الأزمات والصراعات عن طريق الحوار والحلول السلمية، وذلك انطلاقا من تجاربها ورصيدها ومكتسباتها التاريخية في هذا المجال". أضاف :" أعتقد أن هذا الأمر ليس غريبا على الجزائر ، فحينما نتحدث عن ذلك نستحضر الأمير عبد القادر الذي لقب براعي القيم الإنسانية من قبل ملوك وأمراء دول العالم في 1864 بعد مساهمته في حماية الأقلية المارونية في سوريا. كما أن ذلك ليس غريبا على الجزائر أن الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة المدرسة الكبيرة في الدبلوماسية والمشهود له برجاحة العقل وبعد النظر ، والذي جاء بمشروع ميثاق السلم والمصالحة الوطنية الذي كان خيارا استراتيجيا بامتياز ومكن الجزائر من أن تخطو خطوات كبيرة نحو الأمام. كما أن ذلك ليس غريبا على الجزائر التي سجلها حافل بحل أعقد الأزمات سواء في أفريقيا أو في المنطقة العربية أو خارجها عن طريق التسوية السلمية". ويرى الخبير الأمني أحمد ميزاب أن اعتماد ميثاق السلم والمصالحة مكن الجزائر من الخروج من عنق الزجاجة وتحقيق التميز في كافة الميادين، مضيفا أن من بين ثمار هذه التجربة إقرار الأممالمتحدة يوما عالميا للعيش معا في السلام. وأوضح:" بحكم التجربة استطاعت الجزائر الخروج من عنق الزجاجة وطي صفحة مليئة بالأحداث والأضطرابات من خلال إقرار مشروع السلم والمصالحة الوطنية حققت بفضله التميز والنقلة النوعية في كل المجالات والميادين. وأضاف:" ..نحن نتحدث عن اليوم العالمي للتعايش بسلام بعد 12 سنة من تبني مشروع السلم والمصالحة في الجزائر، وخلال هذه الفترة حققت الجزائر أرقاما مهمة وانجازات كبيرة في جميع الميادين والمجالات"، مستطردا:" اليوم الجزائر بلا ديون أو صفر ديون بعد أن كانت مدانة ب40 مليار دولار. قبل هذه المدة كان اقتصادنا في أسوأ حالاته بينما اليوم نتحدث عن مشاريع إقتصادية وورش كبرى ونسب تنمية تحقق سنويا في إطار ارتفاع متدرج وصناعة وآفاق شراكة متطورة. كانت الجزائر محاصرة من قبل الجميع، بينما هي اليوم ترافق دول العالم نحو حل النزاعات وتسوية الأزمات بل وأضحت محجا لكبرى دول العالم في إطار ما يسمى بالحوار الإستراتيجي حول قضايا السلم والأمن في العالم". "جيتكم بوجاه ربي...جيتكم بوجاه الشهداء..جيتكم بوجاه المجاهدين والمجاهدات..جيتكم بوجاه الأرامل ..جيتكم بوجاه اليتامى..جيتكم بوجاه الأطفال المذبوحين ..جيتكم بوجاه البراءة..جيتكم باسم الجزائر ..جيتكم بوجاه الخيرين في هذه البلاد.. جيت نعرض عليكم تسامحوا ..جيت نعرض عليكم تسامحوا..." ....هي صرخة الرئيس بوتفليقة العميقة التي لباها الشعب الجزائري منذ 13 سنة مضت لوقف نزيف الدماء وإيذانا بدخول مرحلة من السلم والطمأنينة واستقرار مكّن من النهوض بتنمية شاملة في جميع القطاعات... الرئيس بوتفليقة : إن الجزائر استعادت عافيتها بفضل الوئام المدني (1999)، والمصالحة الوطنية (2006)، وقد جعلنا من هذه النعمة انطلاقة لورشة إعادة البناء الوطني... ورشة وضعناها في سياق بيان أول نوفمبر (تشرين الثاني) 1954 (ثورة الاستقلال) وأهدافه المنحصرة في بناء دولة ديمقراطية، ذات بعد اجتماعي، وذلك في إطار المبادئ الإسلامية... دولة طابعها عزة وكرامة جميع الجزائريين والجزائريات. وجزائر السلم والمصالحة أغدقت على شعبها بالعديد من الانجازات والخدمات في جميع المجالات دون استثناء، وسمحت الطفرة التي شهدتها السوق النفطية في إطلاق العديد من المشاريع الضخمة وورشات عملاقة ومباشرة إصلاحات جذرية لتأمين رفاهية المواطنين، والتخلص من المديونية الخارجية وتبعاتها الاقتصادية والسياسية. ففي مجال السكن الذي يبقى الانشغال الأهم للسواد الأعظم من الجزائريين استطاعت الجزائر بناء أكثر 3.5 مليون وحدة سكنية خلال العشريتين الماضيتين فضلا عن إطلاق العديد من المشاريع والصيغ السكنية على غرار برنامج عدل1 و2 وصيغة السكن التساهمي والترقوي العمومي أو سكنات أل بي بي والسكنات الريفية، وعمليات ترحيل واسعة انتشلت آلاف العائلات الجزائرية من مساكن هشة وفوضوية إلى جدران تضمن عيشا كريما بعد سنوات من الغبن . وتوزع السكنات المنجزة على 1.176.000 سكن عمومي ايجاري (30 بالمائة) و 1.583.000 سكن ريفي ( 38 بالمائة) و 456.000 سكن اجتماعي تساهمي و ترقوي مدعم بنسبة 11 بالمائة و 156.000 سكن بصيغة البيع بالإيجار "عدل" ( 6 بالمائة) و46 الف سكن إلزامي (وظيفي) ( 1 بالمائة) و 138 الف سكن ترقوي حر ( 3 بالمائة) و 448 الف سكن من نوع البناء الذاتي " 11 بالمائة". جزائر السلم والمصالحة تحصي أكثر من 11 مليون جزائري يتوجهون صباح كل يوم لقضاء مآربهم منهم 8 ملايين تلميذ ، يتنقلون عبر أحدث وسائل النقل من الترامواي في عدد من الولايات والقطارات التي تمتد على 4300 كيلومتر وتعتزم الدولة توسيعها إلى 6300 كلم والميترو وعبر شبكة طرقات تمتد على مئات الآلاف من الكيلومترات، باستثمارات فاقت ال 153 مليار دولار خلال العقدين الماضيين، زيادة على النقل البحري وتعزيزه بمنشأة مينائية ضخمة على حوض المتوسط بتيبازة في غضون الخماسي المقبل بتكلفة تناهز ال 3.3 مليار دولار. وتحصي جزائر الاستقرار والمصالحة من الاستقلال مئات الألاف من المتخرجين من الجامعات المنتشرة في جميع ولايات الوطن والمتوقع أن تستقبل 2 مليون طالب خلال 2019، ومن معاهد التكوين التي تضاعف فيها عدد المتخرجين إلى 280 ألف خلال العقدين الماضيين واستوعبت بشكل كبير ظاهرة التسرب المدرسي، لتقدم يدا عاملة مؤهلة للشغل بصيغ متعددة أتاحتها الدولة بدءا من الوكالة الوطنية للتشغيل و أجهزة دعم الشباب لخلق مؤسسات مصغرة في إطار القرض المضغر أو لونساج أو صندوق التأمين على البطالة ما سمح بخلق أكثر من 500 ألف مؤسسة مصغرة ومتوسطة وتوفير 2.5 مليون منصب شغل بين 2010 و2017 . ويؤّمن جزائر السلم والمصالحة رجال آثروا المرابطة على الحدود وتقفي آثار الارهابيين والجريمة المنظمة تحت لواء جيش عقد العزم على التحرير قبل 64 سنة وعاهد على الحفاظ على الجمهورية والوحدة الوطنية في ظل أجواء دولية مشحونة بالتوترات والنزاعات مدعوما بدبلوماسية محنكة وفعالة أثبتت سداد مواقف الجزائر إقليميا ودوليا لاسيما في حل الأزمات سياسيا ورفض التدخل العسكري وعدم التدخل في الشؤون الداخلية. ورغم محاولات جر جيشها إلى مستنقعات وبؤر التوتر تارة والضغط بالتقارير الدولية المغلوطة تارات أخرى إلا أن الجزائر ظلت صامدة بجيشها الذي استطاع خلال السداسي الأول من العام الجاري فقط تحييد 117 إرهابيا وأوقف 366 تاجر مخدرات و ضبط 701 كلغ من الكوكايين و أكثر من 140 قنطار من الكيف المعالج و 268592 قرص مهلوس في رسالة مفادها أن المؤسسة العسكرية في خدمة الوطن وتأمين شعبه داخل حدوده لا خارجها. بمناسبة الذكرى الثالثة عشرة للاستفتاء على ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، نظمت الإذاعة الجزائرية، بدار الثقافة الأمير عبد القادر، بولاية عين الدفلى، أمس، ابتداء من الساعة التاسعة صباحا إحتفائية خاصة بهذه المناسبة، وتنظم هذه التظاهرة برعاية وزير الاتصال جمال كعوان و والي ولاية عين الدفلى عزيز بن يوسف. وتتضمن هذه الاحتفائية ندوة حول موضوع من السلم والمصالحة الى الوثبة التنموية الشاملة يشارك فيها عدة أساتذة و باحثين . وقال مدير إذاعة عين الدفلى منور ويس إنه سيتم تقديم المؤشرات الرقمية التي تمكنت مختلف القطاعات من تحقيقه خلال 13 سنة من السلم والمصالحة الوطنية التي كان لها الأثر البالغ في تحسين ظروف عيش المواطنين لاسيما في المناطق النائية التي كانت تعاني ويلات الارهاب، كما تتضمن التظاهرة معرضا يبرز أهم الانجازات المسجلة في مختلف القطاعات بولاية عين الدفلى و كذا مساهمة الإذاعة الجزائرية في ترقية قيم السلم و المصالحة الوطنية و مرافقتها لمسيرة التنمية الوطنية.