أعلن رئيس المجلس الشعبي الوطني عبد العزيز زياري، أمس، انعدام فرص قانون تجريم الاستعمار من المرور أمام نواب هيئته أو مجرد الموافقة عليه، ورمى بعيدا بالحرج الذي سببه له القانون، وعلق الأمر على الرئيس بوتفليقة مباشرة لاعتبارات ''دبلوماسية ودولية وقانونية''. قال زياري إن مشروع القانون المتعلق بتجريم الاستعمار لن يعرض على البرلمان خلال هذه الدورة ولا حتى خلال الدورة المقبلة ''لاعتبارات دبلوماسية وقانونية''. وأكد في حصة ''مباشرة من البرلمان'' التي تبث على أمواج القناة الثالثة أن القانون المتعلق بتجريم الاستعمار ''غير مدرج في جدول أعمال الدورة الحالية والمحتمل خلال الدورة المقبلة''، حيث ربط هذا القرار باعتبارات ''دبلوماسية ودولية وقانونية''. ولم يتحدث زياري سابقا بوضوح عن مصير القانون الذي يثير جدلا في الساحة السياسية، وهو بذلك ينزع الحرج عنه ويرمي بالمسؤولية على عاتق رئيس الدولة بحكم أنه ''الوحيد المخول دستوريا بتحديد مسار السياسة الخارجية للجزائر''، وربما لم يرد زياري إعادة نفس ''الخطأ'' الذي وقع فيه وزير المجاهدين محمد الشريف عباس لما تعرض لأصول ساركوزي ''اليهودية''، ما أثار غضبا عارما لدى الرئيس بوتفليقة. ولو أن علاقة زياري بالحكومة مفصول فيها دستوريا، وليست كعلاقة وزير بها، إلا أنه صنف المجلس الشعبي الوطني، من خلال هذه التصريحات، كأي الهيئات الرسمية التي تتبع الجهاز التنفيذي. وأوضح أن نصا قانونيا حول هذه المسألة (تجريم الاستعمار) يتطلب ''تفكيرا طويلا'' ويطرح أيضا ''عددا من المشاكل التي يتعين تسويتها''. وقال أيضا إن الجزائر تبقى ''متمسكة بهذا الموقف'' وتطالب المستعمر الفرنسي ''بالاعتراف بالجرائم التي ارتكبها في مستعمراته السابقة خصوصا بالجزائر''. والمشروع هو الثاني من نوعه بعد مشروع قانون مماثل رفضه مكتب المجلس عام 2005، ويتضمن مواد تطالب فرنسا بالاعتذار وتحمّل مؤسسات الدولة الجزائرية مسؤولية تحصيل حقوق الجزائريين التاريخية والسياسية والمالية من الدولة الفرنسية. وأفيد أيضا أن الحكومة فكرت في حل له بعد دولي من خلال مشاورة دول من المستعمرات السابقة مثل الفيتنام التي حل رئيسها قبل أسبوعين في الجزائر، وأيضاً مع كوبا وبعض دول أمريكا اللاتينية. وكان تمرير مشروع القانون ينتظر تجاوز عقبة وحيدة وهي موافقة الحكومة الجزائرية عليه. وأشارت مصادر متعددة إلى أن الحكومة كانت إلى وقت قريب تتعلل بالتزامات دبلوماسية وقانونية تحول دون الذهاب بعيداً بالمشروع الذي ولد باقتراح من نواب مستائين من خطوة نيابية فرنسية تهدف إلى إصدار قانون يشيد بما قام به المستعمرون الفرنسيون. وعلم أن مشروع القانون أثار نقاشات كثيرة في أروقة السلطة من دون أن يتم الحسم فيه، لكن التطورات الحاصلة في علاقاتها بباريس ربما وراء خروج زياري بهذا التصريح ''القاطع''. من جهة أخرى، صرح زياري أن مؤسسته لا يمكنها وضع لجنة برلمانية للتحقيق حول الفساد لأن مكافحة هذه الظاهرة ليست مهمة مجلس وطني. وأضاف ''إن لجنة التحقيق حول الفساد مسألة جادة، إذ يجب التصويت على ذلك في جلسة علنية، علما أن هذه اللجنة يجب ألا تضم الأشخاص الذين طالبوا بالتحقيق''. وفيما يتعلق بموقف لويزة حنون، الأمينة العامة لحزب العمال، التي دعت إلى حل المجلس الشعبي الوطني، أكد زياري أنه ''لم يتعلق الأمر أبدا بتبني هذه المواقف ولا بتنظيم انتخابات مسبقة''. و''نحن مؤسسة تعمل وأن الأغلبية الساحقة لم تطالب بذلك''.