ناقش مختصون في القانون الجنائي أمس، مفارقة قضائية مفادها، أن الشخص المدان بسبب جنحة أو مخالفة يتاح له استئناف الحكم، بينما المحكوم عليه بسبب جريمة قتل لا يسمح له القانون بذلك. هذا الموضوع يدخل في صميم ما يطلق عليه ''إصلاح محكمة الجنايات'' المدرج بدوره في إطار ما يعرف ب''إصلاح العدالة''.وفر مركز البحوث القانونية والقضائية لمختصين في القانون، منبرا بإقامة القضاة بالعاصمة أمس لمناقشة ''إصلاح محكمة الجنايات''، شارك فيه قضاة محامون وقضاة محليون من المغرب وتونس. وقد التقى أصحاب الجبة السوداء، عند هذه المعاينة: القانون الجزائري تشوبه نقيصة. فمبدأ التقاضي على درجتين (الاستئناف والطعن بالنقض)، وجد له مكانا في مواد الجنح والمخالفات بينما المادة الجنائية لا تزال غير قابلة للطعن فيها إلا عن طريق الطعن بالنقض أمام المحكمة العليا. وحاول المحامي المخضرم ميلود ابراهيمي خلال مداخلة له، تبسيط هذا الموضوع كما يلي: يسمح القانون للشخص الذي أدانته المحكمة الإبتدائية بالسجن بتهم السرقة أو ارتكاب مخالفة، إستئناف الحكم بالمجلس القضائي. أما الشخص الذي حكم عليه بالسجن بتهمة أخطر من ذلك، مثل القتل فهو محروم من الإستئناف أمام مجلس القضاء. وهو ما يتعارض، حسب متدخلين في النقاش مع مضمون العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صادقت عليه الجزائر، الذي يقول بأن ''كل شخص أدين بجريمة له حق اللجوء، وفقا للقانون إلى محكمة أعلى حتى تعيد النظر في قرارات إدانته والعقاب الذي حكم به عليه''. وتقوم هذه النظرة في التقاضي على مبدأ أنه من باب أولى أن يتمكن المدان بجريمة من الاستفادة من درجتين في الطعن، بما أن المدان بفعل أبسط من الجريمة مستفيد منها. وينتظر، حسب الاصلاحات التي يشاع أنه سيتم إدخالها على المنظومة القضائية، أن يتضمن تعديلا مرتقبا لقانون الإجراءات الجزائية على مبدأ التقاضي على درجتين. وذكر مشاركون في لقاء بهم على هامش التظاهرة، أن الأصل في أي إصلاح في القطاع هو تمكين القاضي من معالجة الملفات وإعداد الأحكام بعيدا عن الضغوط، وهو ما يطلق عليه ''استقلال القضاء عن السلطة التنفيذية''. وخضع لنقاش المختصين مواضيع أخرى تتصل بنظام تسيير محكمة الجنايات، من بينها مدى ضرورة الإبقاء على المحلفين الذين تم الإستغناء عنهم في بلدان مشهود لها بنزاهة القضاء وبالممارسة الديمقراطية، مثل هولندا واليابان.