رغم غربة الفنانة سعاد ماسي بفرنسا، إلا أنها ما زالت مرتبطة بالجزائر ارتباطا عميقا، كحبها لأغاني المرحوم الهاشمي فروابي وحكايات النسوة التي نقلتها في آخر ألبوماتها ''أو حورية''. ''الخبر'' اتصلت بها لتحدثها عن أعمالها وأحلامها وآمالها. ''حورية'' ألبومك الأخير اسم امرأة ولكنه يرمز للتحرر، هل يمكن أن تحديثنا عنه؟ أنا أحب أن أوظف المعنى المزدوج للكلمات أو الأسماء، ''حورية'' اسم امرأة ويعني كذلك الحرية. لقد تكلمت في ألبومي الأخير كثيرا عن المرأة، هو نوع من التذكير بحالة المرأة وتكريمها بصفة عامة. لقد كنت في الجزائر مؤخرا وتأثرت كثيرا بحكايات النساء هناك. تجد في ألبومي أغنية بعنوان ''سميرة مسكينة''، وتروي يوميات امرأة غير متزوجة ماكثة في البيت، لا تدرس، وتتعرض لضغط كبير من العائلة. أغني في ألبومي حكايات من الواقع، عايشتها مع أصدقائي وصديقاتي، هناك أيضا أغنية بعنوان ''نصيرة'' وهي تأوهات امرأة مطلقة في مجتمع لا يرحم وكيف ترى هذه المرأة المجتمع ومشاكله ورؤية الناس لها. كما أديت ثلاث أغان باللغة الفرنسية، تعاملت فيها مع ميشال فرونسواز ونسيب فرانسيس كابرال في أغنية ''أو حورية'' وهناك أغنية ثنائية مع فرانسيس كابرال ''كل شيء بقي لنقوم به''. كيف بدأت فكرة التعاون مع فرانسيس كابرال؟ لقد اتصلت به، يعجبني غناؤه، بعثت له رسالة أطلب فيها التعاون معه، أنا لا أستحي أن أقول ذلك وأسعى للعمل مع الأسماء الكبيرة في العالم ككل، فإن لم نفعل ذلك لن نتقدم. وكيف كان رد فعله؟ لقد أبدى تعاونا كبيرا، كان لطيفا ومتفهما واستقبلني في مكتبه بكل حفاوة واحترام، إنه فنان رائع وأنا راضية على هذا العمل كل الرضى، وأتمنى أن يلقى الاهتمام والإعجاب من الجمهور. من الأسماء العالمية التي تحلم سعاد ماسي أن تؤدي معها ثنائيا مستقبلا؟ أحلم، منذ وقت طويل، بأداء أغنية ديو مع الفنانة الأمريكية ''جي أنديز'' ولقد راسلتها وبعثت لها بطلب، لكن إلى اليوم لم ترد علي. أنا أنتظر ولن أفقد الأمل، هذا شرف لي، لأنها فنانة متكاملة بمعنى الكلمة وأحدثت ثورة في الأغنية الأمريكية. وماذا عن المطربين الجزائريين في الغربة مثلا مغني الراي؟ مستحيل... أنا لا يمكن أن أؤدي أغاني الراي كما أنني أبحث دائما عن أداء الأغاني المعبرة التي تحمل قضايا وتعالج مشاكل، أما أغاني الحب والعشق والفراق لا تهمني. أحب أن أعمل مع إيدير فهو فنان متكامل، كما أنني من عشاق الأغنية الشعبية أحب كثيرا أغاني الهاشمي فروابي رحمه الله... أنا لا أترك مناسبة إلا وأستمع فيها لأغانيه. ومن أين تستلهمين مواضيع أغانيك؟ أتكلم في ألبومي عن الجزائر، عما يحدث في وطني، لكن هذه المشاكل موجودة في كل الوطن العربي. أستلهم مواضيع مما أرى وأشعر به في وطني. فأغنية نصيرة هي حكاية لصديقة لي مطلقة ولها طفلان، وهناك أغنية أخرى عنوانها ''سي أحمد'' وهو اسم رئيس بلدية، أغني عن هموم الناس مع البلدية، إنها قضايا وطني ومشاكل الجزائر ويومياتهم. رغم أنك تعيشين في فرنسا منذ سنوات إلا أنك مازلت مرتبطة بمشاكل الجزائريين؟ أعيش منذ 10 سنوات في فرنسا، لكنني لم أنقطع يوما عن الجزائر، فأنا دائما متواجدة هناك، حتى أنني عندما أكون في جولات عبر العالم أترك ابنتي الرضيعة عند بيت أهلي في بوزريعة، وأضطر دائما إلى زيارتها ثلاث إلى أربع مرات في الشهر. هل عشت الجدل الذي أحدثه فيلم ''الخارجون عن القانون''؟ والله لم أشاهد الفيلم، لكنني تتبعت الجدل الدائر حوله ولمعلوماتكم ''رشدي زام'' هو أخ زوجي. الحقيقة الوحيدة التي يجب أن يعرفها الجميع، أنه لا يمكن أن نغير التاريخ، لأنه مهما حدث سيكشف عن نفسه... أنا أحترم المخرج رشيد بوشارب وأحييه على جرأته في تناول المواضيع الحساسة في التاريخ وأتمنى له الاستمرارية في العمل وفتح أبواب مغلقة أخرى وتحريك ما حولنا من قضايا وتسليط الضوء عليها. أنت فنانة ملتزمة، لكن إلى اليوم، لم تقدمي أغنية للقضية الفلسطينية لماذا؟ ربما لم أقدم أغانٍ للقضية الفلسطينية، لكني شاركت في مهرجانات تضامنا مع الشعب الفلسطيني وأطفال فلسطين، كما غنيت في رام الله منذ عامين، وقمت بجولات عديدة في الشرق الأوسط، كما أديت أغنية عالمية وهي ''اتركني أعيش في سلام'' مع الفنان البريطاني المعروف بول وولتر، تتحدث عن الأطفال الذين يبحثون عن الحرية والسلام، أهديتها إلى كل الذين يبحثون عن السلام في العالم، أطفال فلسطين، أطفال الجزائر الذين عانوا من الأحداث الدموية في العشرية السوداء. إن رسالتي عالمية من أجل السلام في كل العالم. وماذا أضافت لك الغربة والعمل خارج الوطن؟ لقد فتح لي الأبواب، خاصة على المستوى العملي، أحس بتطور كبير. أتاح لي فرصة السفر والمشاركة في مهرجانات عديدة، هذا ما كان ينقصني في الجزائر، أنا لا أنتقد ما يوجد وأحب وطني، لكن أتمنى أن تضاف إليه أشياء عديدة، أن تتعدد اللّقاءات والمهرجانات... بصراحة أشتاق إلى العمل في الجزائر، لأن هناك مواضيع أتطرق إليها لا يفهمها إلا الجزائريون. نحن بحاجة إلى نهضة في المجال الثقافي والفني، سواء في الغناء أو السينما. عندما تحدثنا عن بوشارب، أتمنى أن تعطى الفرصة لمخرجين جزائريين وتقدم الإمكانات لهم من أجل إنجاز أفلام كبيرة تعالج المواضيع الحساسة في الوطن، سواء التاريخ أو في المجتمع، مثلا أنا شاهدت فيلم ''بوعمامة'' إنه رائع بكل المقاييس، لكن للأسف إلى اليوم هناك ركود. لقد تفاءلنا خيرا بتظاهرة ''الجزائر عاصمة الثقافة العربية''، لكننا لم نشاهد أي فيلم من ضمن 72 فيلما أعلنوا عنها، لا ينقصنا سوى أن نفتح الطريق للمخرجين الجزائريين، نملك طاقات كبيرة لكنها تهاجر إلى الغربة من أجل فنها.