سؤال: ما هي حدود العلاقة بين الزّوجين لأنّ أسئلة كثيرة ترد حول حكم بعض التّصرّفات الواقعة بين بعض الأزواج؟ قال الله تعالى: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} البقرة:.187 شبّه الله تعالى كلا من الزّوجين باللباس بالنسبة للآخر، واللباس من شانه أن يغطي لابسه وأن يستره وأن يحميه من لفح الشّمس ومن برد الشتاء وأن يزيّنه ويجمّله، خاصة إن كان على مقاسه ومن اختياره، فكذلك الشأن في العلاقة الزّوجية فمن شأن كلّ طرف أن يستر الطرف الآخر وأن يحميه ويجمّله وأن يحصنه ويمنعه من الوقوع في الحرام والفاحشة. فالزوجة الصّالحة مطيعة لزوجها إذا دعاها وإذا أمرها حتّى تنال بذلك رضاه ورضى ربّها سبحانه وتعالى، قال تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لفروجهم حَافِظُونَ، إِلاَّ عَلَى أزواجهم أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} المؤمنون، وقال أيضًا: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأتُوا حَرْثَكُمْ أنَّى شِئْتُمْ} البقرة: .223 فيجوز مداعبة الزوج لزوجته بأيّ شكل من الأشكال إلاّ ما ورد الدليل على تحريمه والنّهي عنه من ذلك وطء المرأة الحائض أو النّفساء فهذا محرّم في الإسلام، قال تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإذَا تَطَهَّرْنَ فَأتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللهُ إِنّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} البقرة: .222 وقال صلّى الله عليه وسلّم في استمتاع الزوج بزوجته الحائض: ''اصنعوا كلّ شيء إلاّ النكاح'' أخرجه مسلم والترمذي وأبو داود. كما يحرم إتيان المرأة في دبرها قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''ملعون مَن أتَى امرأة في دبرها'' رواه أحمد وأبو داود. وقال صلّى الله عليه وسلّم: ''لا ينظر الله إلى رجل أتَى رجلاً أو امرأة في الدبر'' رواه الترمذي وهو حديث حسن صحيح، وإتيان المرأة في دبرها من اللواط المحرّم المعبّر به اليوم بالشذوذ الجنسي، قال صلّى الله عليه وسلّم: ''لعن الله عمل قوم لوط'' قالها ثلاثًا. رواه أحمد والبيهقي وغيرهما وهو صحيح. أمّا ما عدا هذا فهو داخل في قوله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأَتُوا حَرْثَكُمْ أنَّى شِئْتُمْ} البقرة: .223 امرأة متزوجة سافر زوجها منذ سنة، فهل يحق لهذه الزوجة المطالبة بحقّها؟ لقد وقّت العلماء أطول مدّة لغياب الزّوج عن زوجته بأربعة أشهر، قياسًا على مدّة الإيلاء، حيث قال سبحانه وتعالى: {للّذين يؤلون من نسائهم تربُّص أربعة أشهر فإن فاءُوا فإنَّ اللهَ غفور رحيمٌ} البقرة: 226، فقالوا إنّ هذه أقصى مدّة تتحمّل فيها الزوجة غياب زوجها، فإن كان لهذا الزّوج عذر في غيابه قد أعلم به زوجته واتّفقا على الأمر ابتداء، فللزّوجة أن تصبر إن شاءت، وإلاّ فإنّ لها الحق في طلب الفراق خاصة أنّه سافر دون إعلامها ودون عذر، ودون أن يزورها من حين للآخر، خصوصًا في مثل هذا الزمان الّذي كثرت فيه الفتن والمغريات، حيث أصبحت المرأة لا تأمن على نفسها والرجل لا يأمن على نفسه والله المستعان، والقصّة الّتي بنى عليها الفقهاء هذه المدّة معروفة في كتب السير والتراجم وكذا كتب الفقه، وهي الّتي وقعت في زمن الخليفة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، واستشار فيها حفصة رضي الله عنها، ثمّ وقع الإجماع على أنّ المدّة الّتي تصبر المرأة على غياب زوجها ينبغي أن لا تزيد على أربعة أشهر. شخص طلب من زوجته أن ترتدي النِّقاب، وهدّدها بطلاقها إن لم ترتده، فلبسته، وبعد مدّة عَلِم أنّ النِّقاب ليس واجبًا على المرأة، فهل يقع الطلاق إذا نزعته؟ لا يقع الطلاق بنزعها للنِّقاب، لأنّه هدّدها بالطلاق اعتقادًا منه بوجوبه، والحق أنّه ليس واجبًا، فلا يترتّب شيء على نزعه خاصة بعد إذن الزّوج بنزعه. والمرأة المؤمنة تستر نفسها ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً، خاصة إن كانت جميلة يفتتن بها، فتنقبّها أولى، طاعة لله تعالى وطاعة لزوجها الذي من حقّه أن يغار عليها وأن يأمرها بستر وجهها. هل يجوز للعروس يوم زفافها أن تجمع بين صلاتي الظهر والعصر وبين صلاتي المغرب والعشاء نظرًا لما قد ينجر عن الوضوء لكلّ صلاة من إفساد لمساحيق الزينة الموضوعة على الوجه وإفساد لتسريحة الشعر؟ أن تتوضأ العروس لكلّ صلاة وتصلّيها في وقتها أفضل، لكن جاز لها أن تجمع بين الظهرين وبين العشاءين دفعًا لتلك المشقّة الّتي قد تحصل يوم زفافها، وقد ثبت أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم جمع في حضر من غير سفر ولا مطر قال ابن عبّاس: ''أراد أن لا يحرج أمّته''.