ما حكم الراتب الّذي تتقاضاه الزوجة جريًا لراتب زوجها بعد وفاته، هل هو إرث يشترك فيه الورثة، أو هو ملك للزوجة فقط؟ المعلوم في التركة الّتي تعتبر إرثًا تقسّم على الورثة فرضًا أو تعصيبًا، كما نصّ القرآن الكريم في سورة النساء، فأعطى كلّ وارث نصيبًا معلومًا استأثر الله بتعيينه بنفسه ولم يتركه لاجتهاد العلماء، فأعطى للزوجة الثُمُن إن كان للمُوَرِّث المتوفى وَلَد، وأعطاها الرُّبُع إن لم يكن له ولد، وأعطى للوالدين لكلّ واحد منهما السُّدُس إذا كان للمتوفى فرع وارث، وإذا لم يكن له فرع فلأمِّه الثُّلُث، أمّا الأولاد، فلِلذَّكَر مثل حظِّ الأُنثيين، هذا التّقسيم يتعلّق بكلّ واحد من الورثة. أمّا بالنسبة للراتب الشّهري الّذي يُحوَّل باسم الزوجة بعد وفاة الزوج، فليس إرثًا لسببين: 1 لأنّه أعطي قانونًا باسم الزوجة من المؤسسة الّتي كان المتوفى يعمل بها، أو من صندوق التّقاعد، ولم يشركوا معها غيرها في ذلك، وإن رأى بعضهم أنّه إذا كان ممّا يقتطع من مال المورّث قبل وفاته على سبيل الادّخار فإنّه عندئذ يصير ميراثًا يقسّم مع التركة وفق النّص الشّرعي، والغالب في هذا المال أن يكون منحة من الدولة، أمّا المدخر فيعطي في شكل منحة جارية، ولو كان الأمر كذلك لجرى أن يكون على غير الزوجة سواء بوجودها أو بعد وفاتها، والله أعلم. 2 لأنّ هذا الراتب يتوقّف تمامًا بوفاة الزوجة، فلو كان إرثًا لاستمر جريانه لغيرها من الورثة. فهذا الراتب إذًا ليس إرثًا، إنّما هو ملك الزوجة، غير أنّها إن أرادت مساعدة أولادها، تتحرّى العدل، لأنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أوصانا أن نسوّي بين أولادنا العطية. امرأة مات زوجها وترك لها منحة من الصندوق الفرنسي، فهل للورثة حق في هذا المال؟ وما حكم استيلاء أحد الأبناء على هذه المنحة؟ المنحة الجارية للزوجة بعد وفاة زوجها حق لها دون سواها، إلاّ إذا أرادت أن تتكرّم على غيرها فهي تتمتّع بحرية التصرف فيما تملك، غير أنّها مطالبة بالعدل بين أولادها في العطية، لحديث النعمان بن البشير الّذي ذكر فيه: ''أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سمّى عطية ولد دون سواه جَوْرًا'' أخرجه البخاري ومسلم، وأمر بردِّها في رواية. فكما تحب الأم أن يتساوى أبناؤها في البر بها يجب عليها أن تسوي بينهم في العطية. وكون المنحة حق للزوجة دون سواها يرجع إلى أنّ هذه المنحة تصرف لها ما دامت على قيد الحياة، بحيث لو توفيت انقطعت. واستيلاء أحد الأبناء على هذه المنحة ظلم وأكل للسحت عليه وحده وإن لم توافقه أمّه، وإن وافقته فهما شريكان في ذلك، والله أعلم.؟