أخطر الرئيس نيكولا ساركوزي مصالح الأمن الفرنسية باعتماد مخطط يشدد المراقبة على مستوى المطارات الفرنسية بالنسبة للمسافرين القادمين إليها، وذلك على خلفية التهديدات الإرهابية التي تلقتها باريس من تنظيم القاعدة. دعا ساركوزي وزير داخليته بريس أورتوفو إلى العودة لإحياء مشروع إجبار شركات الطيران القادمة لفرنسا تقديم ''معلومات دقيقة عن المسافرين على خطوطها'' حتى يتسنى لمصالح الأمن التحقق الدقيق من هويتهم قبل الدخول للتراب الفرنسي. طلب الرئيس الفرنسي عقب اجتماعه، أول أمس، بمجلس الأمن المصغر في قصر الاليزي، بتفعيل قرارها بإخضاع المسافرين من دول معينة إلى رقابة مشددة، تبدأ عند حجز التذاكر باتجاه فرنسا. وكان القرار يتضمن قائمة من الدول كانت قد وضعتها وحدة التنسيق لمكافحة الإرهاب الفرنسية، تشمل كل من اليمن، باكستان، سوريا، إيران، أفغانستان، الجزائر ومالي، وهي الدول التي تراها باريس خطرا على أمنها وتنظر إلى رعاياها بعين الحذر. وعن فحوى اللقاء السري الذي جمع الرئيس ساركوزي بمدير المخابرات والأمين العام للرئاسة الفرنسية ومدير الأمن، نقلت صحيفة ''لوفيغارو'' عن وزير الداخلية الفرنسي بأنه تقرر ''تعزيز الفرز'' على المسافرين القادمين إلى فرنسا عبر الخطوط الجوية، وذلك على خلفية الطرود المفخخة التي اكتشفت مؤخرا في الطائرة الإماراتية القادمة من اليمن باتجاه المطارات الأمريكية. وحسب وزير الداخلية الفرنسي هذا ''الفرز'' الدقيق لقوائم المسافرين يجب أن يحدث عند المنبع ليتسنى لمصالح الأمن معرفة مقدما الذين ركبوا الطائرات التي تمر عبر المطارات الفرنسية ويعطي للشرطة الوقت الكافي لقراءة ملفاتهم قبل الولوج للتراب الفرنسي. ولم تكتف الداخلية الفرنسية بتطبيق هذه المعاملة الأمنية في مطاراتها فحسب، بل تريد باريس أن ترى هذه الإجراءات الأمنية على المسافرين، تحظى بالتنفيذ في جميع أنحاء دول الاتحاد الأوربي، وهو ما تعتبره بعض دول هذه الأخيرة ''تدخلا في الخصوصية الشخصية جدا''. ويسعى قصر الإليزي التوصل إلى إجماع أوروبي حول تبادل المعلومات ومراقبة أمن المطارات والرحلات الجوية باتجاه دول الاتحاد الأوروبي. وأمام هذه الاعتبارات الأمنية المرفوعة، قررت الداخلية الفرنسية إعادة بعث مشروع، يدخل في إطار مكافحة الإرهاب. ويتعلق بإجبار شركات الطيران على تقديم معلومات دقيقة عن المسافرين على خطوطها تتعلق بوسائل الدفع، عنوان الفاتورة، أرقام الهاتف، عناوين البريد الإلكتروني للمسافرين واسم وكالة السفر، تضاف إلى المعلومات التقليدية التي كانت تشترط فقط عند الوصول إلى المطار، وهي اسم وعنوان وتاريخ ميلاد المسافر، وهو ما يعني أن فرنسا لا تزال متمسكة بوضع رعايا 14 دولة من بينها المسافرين الجزائريين ضمن قائمة الخاضعين للرقابة المشددة في المطارات الفرنسية رغم الاحتجاجات الرسمية التي أبلغتها الخارجية الجزائرية إلى باريس بشأن المعاملة التمييزية والتي كانت سببا في توتر العلاقات بين البلدين. وتكون باريس قد وجدت في ''تهديدات'' بن لادن، الحجة التي تركبها لفرض على شركات الطيران القادمة إلى فرنسا لعب دور ''المخبر'' في الكشف عن أدق خصوصيات ركابها وبالمجان لفائدة مصالح الأمن الفرنسية، وذلك بعدما انتقد هذا الإجراء من قبل منظمات حقوق الإنسان ووصفته بأنه تعد على خصوصيات الأفراد.