أكد خبراء الري والأشغال العمومية بالطارف عدم فعالية إنجاز الحزام الترابي الموازي من جانبي الوادي الكبير، على طول مزدوج لمسافة 74 كلم، في الحد من كوارث الفيضانات الشتوية بقدر ما زاد في إغراق الأراضي الفلاحية. هذا الإنجاز استنزف 400 مليار سنتيم من خزينة الدولة، ويدخل ضمن المشروع الكبير ''الهيدرو فلاحي'' الممركز بقطاع الري المقدر غلافه المالي لكل العمليات الكبرى ب100 مليون دولار، ويهدف إلى تطهير وحماية 17 ألف هكتار فيضي واستصلاح واستغلال 12 ألف هكتار على مدار فصول السنة. وقد انطلقت أشغاله سنة .2005 ومن بين عملياته، إلى جانب الحزام الترابي على ضفتي الوادي الكبير، تهيئة المحيط الفيضي بشبكة من القنوات السطحية وتجهيزاتها بالمضخات وإنجاز سدين (بولطان ببلدية بحيرة الطيور وبوخروفة ببلدية بوثلجة)، كل منهما بسعة 50 مليون متر مكعب عند منحدرات السلسلة الجبلية الجنوبية للمحيط الفيضي الذي يشمل إقليم 5 بلديات داخلية هي عين العسل، الطارف، بوثلجة، بحيرة الطيور وبريحان. وكانت بداية انطلاق أشغال المشروع أثارت جدلا وخلافات بين خبراء المشروع والمهندسين والتقنيين ومكاتب الدراسات الوطنية والأجنبية وأطراف وسط السلطات التنفيذية، بشأن أولوية إنجاز العمليات، وكانت الغلبة للمستعجلين بإنجاز الحزام الترابي على ضفتي الوادي الكبير بعلو يصل المترين وبطول 94 كلم ذهابا وإيابا، عند نقطة محطة التطهير لسد ماكسة، إلى غاية مصب الوادي في البحر بالساحل الغربي لبلدية بن مهيدي، وتوازت معها أشغال تهيئة المحيط الفيضي بإنجاز شبكة القنوات السطحية، في حين فضل الجانب المعارض الشروع أولا في إنجاز السدين لتقليص حجم السيول الجارفة باتجاه السهل الفيضي لضمان فعالية إنجاز باقي العمليات، وكان من المفترض أن ينجز الحزام الترابي في المرحلة الأخيرة. غير أن الأمور جرت عكس هذا الطرح. وشكل إنجاز الحزام الترابي على مقاطع احتجاجات الفلاحين، لكون ذلك قلص من مساحة أراضيهم، جزء منها خارج الحزام والجزء الآخر داخله، مع مجرى الوادي على رواق عرضه يتراوح بين 100 إلى 300 متر. ويتقاطع الحزام في الكثير من المواقع مع شبكة الطرقات والمسالك العابرة لمجرى الوادي، وهي المواقع التي يتدفق منها فيضان الوادي إلى الأراضي الفلاحية. وتغمر المياه الرواق الداخلي وتتجمع على طوله لأسابيع، وفي الضفة الأخرى لذات الرواق تصطدم المجاري المائية المتدفقة من منحدرات السلسلة الجبلية بالحزام الترابي دون وصولها إلى مصبها بالوادي، فتحول الأراضي الفلاحية إلى بحر من المياه الراكدة، وتحرم أكثر من 1500 فلاح من استغلال أراضيهم على مساحة تتجاوز 14 ألف هكتار. ومن هذه المعطيات، بات الفشل يهدد هذا المشروع ''الهيدرو فلاحي''، حسب إجماع خبراء الري والأشغال العمومية، ما لم ينجز السدان المبرمجان كمرحلة أولى، كما يتوقع أن يتبدد الحزام الترابي وتجرفه المياه الطوفانية وينزاح من خارطة هذا المشروع الضخم، قبل إنجاز السدين، وبالتالي هدر 400 مليار سنتيم أسالت لعاب السباقين إلى إنجازه، كما بدأت الشكوك تحوم حول وجهة أمواله بعدما تبين وتأكد فشل مردوديته المنتظرة.