مرّ شهر كامل على الافتتاح الرسمي للسنة الجامعية من طرف الرئيس بوتفليقة، لكن الواقع أن الجامعة مازالت في عطلة إجبارية، إما بسبب الإضرابات المتكررة للطلبة أو بسبب التأخّر في التسجيلات وتصفية الامتحانات الاستدراكية والامتحانات الخاصة وملفات الطلبة الذين لم ينجحوا بجهدهم ويريدون النجاح بالمساعدة والإنقاذ. إضرابات الطلبة أصبحت فاصلا إجباريا في كل دخول جامعي يستمر طوال السنة الدراسية في مختلف المعاهد والجامعات، بقيادة نقابات طلابية كثرت مطالبها وامتيازاتها وقل عملها في الميدان. أما وزارة التعليم العالي فقد فهمت اللعبة كما ينبغي وعرفت أن الإضرابات ليست في الحقيقة إلا من باب «فاصل، ونواصل''، وبما أن الجميع سينجح في آخر السنة، فلماذا التوتّر والبحث عن الحلول. مشاكل الجامعة حقيقة معروفة لدى كل من جلس يوما في مدرج من استقلال الجزائر إلى اليوم، وزادت هذه المشاكل منذ أصبح النجاح في البكالوريا أسهل من اجتياز امتحان رخصة السياقة، فتضاعف عدد الطلبة وتراجع المستوى وتحولت الجامعة إلى مصنع للبطالين. لكن الحقيقة أيضا، أن الوزراء المتعاقبون على التعليم العالي لا يعملون إلا في الدخول الجامعي، وأصبح المنطق السائد عندهم هو منطق الأرقام.. سجلنا كذا عدد من الطلبة، وتسلمنا كذا عدد من المقاعد البيداغوجية، وكذا إقامة جامعية، وبعد بداية الدراسة تثور التنظيمات الطلابية بسبب الاكتظاظ في المعاهد والكليات وعدم كفاية الأحياء الجامعية وغياب الأمن بها وانعدام النقل و، و، و،.. كثير من الطلبة، خاصة من السنة الأولى، يريدون تجاوز كل هذه المشاكل والبدء في الدراسة مهما كانت الظروف، لكن الدخول الجامعي المتأخر وعيد الأضحى الممدّد والعطلة الرسمية المنتظرة بعد أسابيع، يضاف إليها الإضراب المعلن، يحول دون ذلك، فتتقلص السنة الدراسية ويستفيد الأساتذة من راحة يحسدون عليها. بعد كل هذه المشاكل تتعجب السلطات من التصنيف الرديء للجامعات الجزائرية وهي التي لا تنتج دراسة واحدة تستحق النشر في الدوريات العالمية المتخصصة. ولا أدل على ذلك من أن أغلب البحوث التي قدمها الأساتذة للاستفادة من الدعم الحكومي غير مقبولة بالمعيار المحلي، فما بالك بالمعيار العالمي.