كما كان منتظرا، أقر الرئيس المصري حسني مبارك بنتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة، ونصّب المجلس الجديد الذي لم يكن في حقيقة الأمر سوى مجلس الحزب الوطني الذي يرأسه، وبالرغم من أن هذه الانتخابات خلفت غضبا عارما في مصر، واستغرابا في العالم أجمع، إلا أن مبارك أشاد بعمل اللجنة العليا للانتخابات رغم انتقاد كل القوى السياسية وغير السياسية لها وكذا الأحزاب المشاركة في الانتخابات. لكن مع هذا قال مبارك ''إن اللجنة تعاملت مع التجاوزات بدور مسؤول ومحايد ومتوازن كما تعاملت معها أجهزة الدولة بما يضمن سلامة الانتخابات والناخبين''. وبما يوحي بأن الرئيس لا يعلم أن الانتخابات شهدت أعمال عنف خلفت قتلى وجرحى، قال مبارك، زيادة على ذلك، إن الانتخابات جرت ''في الغالب الأعم بما يتفق مع صحيح القانون والإجراءات وبعيدا عن العنف والانحراف والتجاوز''. الرئيس المصري لم يكتف بهذا وإنما أقر في محطات أخرى من خطابه أمام النواب المنتخبين وهم في الحقيقة نواب حزبه، أقر بوجود تجاوزات وتسجيل سلبيات، لكنه ألقى باللائمة على المعارضة، لأنه كان يود ''كرئيس لمصر لو حققت باقي الأحزاب نتائج أفضل... وكنت أود لو لم تهدر جهودها في الجدل حول مقاطعة الانتخابات ثم التوجه لخوضها والمشاركة فيها... ثم إعلان البعض الانسحاب منها تشكيكا في نتائجها''. رغم هذا الإقرار قال متفائلا: ''إن هذه الانتخابات بما كشفت عنه من إيجابيات وسلبيات هي خطوة مهمة على الطريق، واعدا بأن يعمل البرلمان المقبل على الدفع نحو مزيد من الديمقراطية''. مقابل هذا التجاهل الرسمي لغضب الشارع، أخذت الحركة الاحتجاجية جرعة إضافية، من خلال رفعها وكتاباتها على الجدران، لشعارات أقل ما يقال عنها إنها عنيفة في تهجمها على الرئيس مبارك وابنه جمال وأقرب رجالات الأمن المدعو أحمد عز، كما أن المظاهرات كانت يوم أول أمس حاشدة بالرغم من اقتصارها على سكان القاهرة، بعد أن حالت التعزيزات الأمنية دون التحاق القادمين من بقية المحافظات بالمتظاهرين. منسق حركة ''كفاية''، عبد الحليم قنديل، قال في لقاء له مع ''الجزيرة نت'' إن المطلوب في المرحلة القادمة تفعيل الغضب في الشارع المصري وعدم الاكتفاء بالتعبير عن الغضب في المقالات الصحفية، داعيا إلى مظاهرة مليونية واعتصام بوسط القاهرة لإسقاط البرلمان والحكومة على غرار التجربة الأوكرانية في الاحتجاج. واعتبر قنديل في حديثه أن ''السقطة السياسية التي وقع فيها النظام بإقصاء المعارضة من البرلمان ستزيد فاعلية التحركات في الشارع، مع توحد قوى المعارضة خلف شعار مواجهة النظام وليس مهادنته أو الدخول معه في لعبة سياسية كالانتخابات ووعود الإصلاح''.