وجه رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، أمس، برقية ضمنها خالص تحيته الأخوية إلى رئيس الدولة التونسية السيد فؤاد المبزّع الذي خلف الرئيس الفار زين العابدين بن علي استنادا إلى المادة 57 من الدستور التونسي. وهو أول رد فعل رسمي تجاه الأحداث التي تعرفها تونس. جاء في برقية الرئيس بوتفليقة ''يسرني، وأنا أعبر أجواء بلدكم العزيز متوجها إلى مصر للمشاركة في القمة العربية الاقتصادية الثانية، أن أزف إليكم خالص التحية الأخوية راجيا لكم تمام السداد والتوفيق في الوصول بتونس الشقيقة إلى بر الأمان''. كما ذكر الرئيس بوتفليقة في برقيته ''إنني من منطلق ما يجمع شعبينا الشقيقين من عرى الأخوة ووشائج القربى وحسن الجوار أثق كل الثقة في أنكم ستجدون في العبقرية التونسية الأصيلة ما يلهمكم لما فيه رفاهية شعبكم الحبيب''. وتعد هذه الرسالة البروتوكولية التي حرصت رئاسة الجمهورية على نشرها، بعد صمت دام أكثر من شهر عن اندلاع ثورة ''الياسمين'' في تونس، أول رد فعل رسمي للدولة الجزائرية باتجاه التطورات التي دفعت الرئيس زين العابدين بن علي للهروب إلى العربية السعودية تحت ضغط الشارع الذي طالب برحيل نظامه كلية. وإن كانت برقية الرئيس بوتفليقة إلى الرئيس المبزّع، تحمل في طياتها اعتراف الجزائر رسميا بالتغيير الدستوري الذي وقع في تونس، فإنها تظهر في المقابل سياسة الترقب والحذر التي اعتمدتها السلطات الجزائرية في التعاطي مع الشأن الداخلي التونسي والتغييرات المنبثقة عنها. ولعل هذا الأمر وراء اكتفاء الرئيس بوتفليقة الذي كانت تربطه علاقة متميزة مع زين العابدين بن علي، باستعمال البوابة البروتوكولية البحتة لإرسال برقية إلى حاكم قصر قرطاج الجديد، تتمنى له ''السداد والتوفيق'' في مهامه الجديدة. وهي البرقيات التي دأب الرئيس بوتفليقة على إرسالها للرؤساء والملوك التي يعبر أجواءها في كل زياراته للخارج بغض النظر عن طبيعة ودرجة العلاقة التي تربط تلك الدولة مع الجزائر. ورغم عدم إصدار موقف رسمي من قبل الجزائر إزاء أحداث تونس، إلا أن برقية الرئيس بوتفليقة التي لم تحمل أي موقف صريح لا بالقبول أو الرفض إزاء التغيير الذي حصل في تونس، لم تخف دعمها لموقع فؤاد المبزّع ضمن الخريطة الجديدة للأحداث، بحيث أعرب رئيس الجمهورية عن ثقته ''كل الثقة في أنكم ستجدون في العبقرية التونسية الأصيلة ما يلهمكم لما فيه رفاهية شعبكم''. وهو ما يفهم منه أن الجزائر التي كانت ترى في نظام بن علي ''نموذجا'' في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، تجد نفسها في نفس الخندق مع ليبيا القذافي غير متحمّسة للتغيير. ومع ذلك تسعى للحفاظ على علاقتها في المرحلة المقبلة بمراقبة الوضع عن قرب.