في مثل هذا اليوم من السنة الماضية كانت الفاجعة في فقدان الأخ والزميل عامر محيي الدين، مدير ''الخبر'' السابق، بعد صراع طويل مع مرض خبيث طيلة أكثر من سنة. تأتى الذكرى الأولى لرحيل محيي الدين، لتتزامن مع رحيل أحد أسس الجريدة، عثمان سناجقي، أخ آخر عزيز علينا بنفس معزة محيي الدين. لقد شاء القدر أن يرحل الرجلان في وقت متقارب تاركين فراغا رهيبا بين أسرة الخبر. كل من عرف محيي الدين لا يمكنه سوى أن يسترجع خصال الرجل الراقية في معاملته مع محيطه، ومعدنه الأصيل وتربيته المثالية التي برزت من خلال أسلوب تعامله مع محيطه منذ نعومة أظفاره والتي يشهد له بها كل الذين عرفوه في أوقات العسر كما في أوقات اليسر. لقد بهرنا محيي الدين في العديد من المناسبات أولا بشخصيته القوية التي برزت أكثر في أوقات الشدائد، فكان من بين الصحفيين القلائل الذين لم يغيروا طريقة حياتهم خلال عشرية الإرهاب، واستمر رغم المخاطر في العيش بين أفراد أسرته في مدينة العفرون، وعندما كنا نحاول إقناعه بضرورة تغيير مكان الإقامة مؤقتا كنا نعرف مسبقا رد فعله.. إذا كان قدري الموت، فليكن ذلك بين أبنائي.. وحتى عندما اقترب الموت وعلم بخطورة المرض الذي أصابه كان رد فعله مثيرا للاحترام والتقدير فلم يكن يظهر على ملامحه أي أثر للقنوط أو اليأس ما جعلنا ندرك أن فلسفة الحياة والبقاء عند محيي الدين تختلف، ربما، عن الذي نعرفه عند عامة الناس، ما جعله محل احترام كبير من قبل كل من تعامل معه، وبالدرجة الأولى الصحفيين والعمال بجريدة ''الخبر'' عندما أوكلت له مهمة رئاسة مجلس الإدارة والمديرية العامة. فقد لاحظ هؤلاء، منذ الوهلة الأولى، طريقة جديدة في إدارة شؤونهم، فلم يكن ضروريا بالنسبة للصحفي أخذ موعد مسبق لكي يستقبل من طرف المدير، ولم يكن ضروريا للصحفي أو العامل أن يكون في مكتب المدير لكي يطرح مشكلة ما، وكان يكفي أن تلتقي به في مقهى المؤسسة، مثلا، فيتخذ القرار في حينه. وعندما تذهب إلى مكتبه فلا داعي لاستئذان الكاتبة أو طرق الباب لأن باب مكتب محيي الدين لم يغلق أبدا. اليوم وقد بلغ فراقك عنا سنة كاملة، لا يسعنا إلا أن نطمئنك بأن بصماتك باقية في كل المشاريع التي بادرت بها من أجل تطوير ''الخبر''، وهي مستمرة في العمل والتطور ونعدك بأننا سنحافظ عليها ونسعى لتطويرها إن لم نكن فأمثال أحمد محيي الدين، الذي تركته بيننا، قادر على تأمين مكاسب ''الخبر'' بحماس الشباب.