كشف عمار بن تومي أن عدد المحامين الذين وافقوا على الدفاع عن المجاهدين الجزائريين المسجونين خلال حرب التحرير، لم يتجاوز عشرة محامين من أصل ستمائة واثنين وثلاثين محاميا. عاد المحامي عمار بن تومي، وزير العدل الأسبق، خلال محاضرة ألقاها أمس ضمن فعاليات اليومان الدراسيان المنظمان من قبل جمعية عبد الحميد بن زين بقاعة ابن زيدون برياض الفتح بمناسبة الذكرى الثامنة لرحيله، إلى ظروف تأسيس لجنة الدفاع عن المجاهدين الجزائريين. وأوضح أن بعض المحامين وافق على التكفل بمهمة الدفاع بعيدا عن مظلة لجنة محامي جبهة التحرير الوطني، التي أسّسها في باريس المحاميان أوصديق ومهنا، خوفا من ملاحقات السلطات الاستعمارية التي أوقفت عددا كبيرا من المحامين، لتتكفّل بعدها منظمة الجيش السرّي الإرهابية باغتيال بعضهم، على غرار المحامي أمقران ولد عاودية الذي اغتيل يوم 23 ماي 1959 بالقرب من مكتبه بباريس، والمحامي علي بومنجل الذي أوقفته الشرطة الفرنسية بحي بلكور يوم 8 فيفري 1957 ثم اغتيل بعد أن قضى ثلاثة وأربعين يوما تحت التعذيب، بأمر من الجنرال ماسو. وكشف الرائد أوساريس سنة 2000 بأن علي بومنجل ألقي مكبل الأيدي من الطابق السادس لإحدى العمارات الواقعة بالأبيار. وفي يوم 14 ديسمبر، اغتال كومندو تابع لمنظمة الجيش السري المحامي أمحمد عابد، بالقرب من مجلس قضاء وهران. كما أقدمت المنظمة على اغتيال عدد من المحامين الفرنسيين المتعاطفين مع الثورة الجزائرية، ومنهم المحامي بيار غاريغ الذي اغتيل في جانفي .1962 وكانت الأستاذة مليكة القورصو، المنسقة العلمية لليومين الدراسيين، قد تناولت تاريخ المرافعات التي قام بها المحامون الجزائريون للدفاع عن الوطنيين الجزائريين قبل قيام حرب التحرير. واعتبرت أن هؤلاء المحامين تحوّلوا إلى أهداف لمصالح الاستخبارات الفرنسية، ولمنظمة اليد الحمراء الإرهابية ومنظمة الجيش السري، حيث قامت باغتيال بعضهم، بينما تعرّض آخرون لمحاكمات بتهمة ''الإخلال بالنظام العام''. وتدخّل خلال هذين اليومين الدراسيين اللّذين ساهمت فيهما ''الخبر''، عدد من الشخصيات التاريخية الفاعلة، أين ناقشوا إشكالية ''الجزائر 1954 1962:أصحاب البدلات السوداء بين الالتزام وفن المرافعة''، منهم المحامي الفرنسي ألبير سمنجة، الذي تحدث عن ظروف إنشاء لجنة المحامين الفرنسيين، والمتابعات التي تعرّضوا لها من قبل مصالح الشرطة الفرنسية، مركزا على دفاعه على فيرنان ايفتون الذي ساند الثورة الجزائرية وألقي عليه القبض في نوفمبر 1956 ليصدر في حقه حكم بالإعدام. واستغل رفقاء عبد الحميد بن زين الذي رحل سنة 2003 فرصة الملتقى للحديث عن ذكرى رحيل رفيق آخر، هو الصحفي والكاتب أحمد عكاش، الأمين العام السابق للحزب الشيوعي الجزائري. وبالمناسبة، تحدثت فضيلة عكاش عن مسار والدها، وعادت إلى نضاله من أجل العدالة الاجتماعية، بعد أن ناضل من أجل الاستقلال ضمن صفوف اليسار الجزائري.