تنامي تجارة العملة وتهريب وقود السيارات إلى غات وغدامس شهدت المناطق الحدودية الجزائرية الليبية، خلال اليومين الماضيين، توافدا غير مألوف من الليبيين فاق عددهم ال200 شخص، قدموا من المراكز الحدودية التي تفصل الجزائر عن ليبيا في كل من الدبداب وطارات وتين ألكوم بولاية إليزي، من أجل تعبئة خزانات وقود مركباتهم وكذا التزود بالمؤونة ومختلف الضروريات، بعد ركود سوق العمل، جراء الأزمة السياسية الحاصلة في البلاد. فقد سكان المدن الليبية الواقعة على الشريط الحدودي مع الجزائر، الأيام الأخيرة، كل معاني الحياة الكريمة الآمنة والمستقرة، بعد تردي الأوضاع الاجتماعية للسكان الذين اجتمعت آراؤهم حول الخوف من المجهول، بسبب النقص الكبير المسجل في ما يحتاجونه في حياتهم اليومية من أغذية وأدوية وحتى أغطية، جراء نقص التموين والفقر، حيث أصبح المواطنون بهذه المناطق الحدودية يعيشون على الخبز والحليب بعد أن أجبرتهم الظروف الأمنية المتردية على ذلك، في حين عرف الدينار الليبي، منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية التي تشهدها الجماهيرية والمطالبة بسقوط نظام الديكتاتور معمر القذافي، انخفاضا كبيرا مقارنة مع سعر الدينار الجزائري، لدى تجار العملة، بالمناطق الحدودية الجزائرية، بسبب الظروف التي تعيشها ليبيا منذ أيام، بعد أن تراجع عدد الجزائريين الوافدين إلى الأراضي الليبية، لمعرفة أخبار أبنائهم وعائلاتهم المقيمة هناك، حيث تراجعت حركة تنقل الأشخاص بين البلدين إلى الحد الأدنى، بفعل غياب وسائل النقل وغلق المنافذ الحدودية البرية من الجانب الليبي. وقد تراوح سعر ألف دينار ليبي بين أربعة وخمسة آلاف دينار جزائري، بعد أن كان في السابق ألف دينار ليبي لا ينزل تحت سقف سبعة آلاف دينار جزائري، وانتشرت مجموعات من الشباب الليبيين من تجار العملة بالمناطق الحدودية الجزائرية للترويج للعملة. وواصل تجار الوقود من الليبيين إقبالهم على الحدود الجزائرية بسياراتهم للوصول إلى محطات الوقود قصد ملء خزانات البنزين والمازوت، وإعادة إفراغها بمدينة غات وغدامس التي تبعد عن المركز الحدودي الدبداب ب20 كلم فقط، لبيعها بأسعار خيالية لليبيين الذين يواجهون أزمة حقيقية في التزود بمختلف أنواع وقود السيارات وحتى بالمؤونة، حيث تصطف أمام المخابز والمحلات التجارية بمدينتي الدبداب وجانت يوميا جموع من المواطنين الليبيين على أمل الظفر بكميات من المواد الغذائية والخبز، بعد الندرة المسجلة في المواد الأساسية في الاستهلاك بالمدن الليبية. وأشار عدد من الليبيين إلى أن بعض المحلات التجارية بالمناطق الليبية الواقعة على الحدود مع الجزائر فتحت، أمس الأول، أبوابها لبيع ما لديها من مواد غذائية لقيت إقبالا كبيرا من طرف المواطنين، الذين قضوا أياما بدون مؤونة. قلة التموين بمختلف المواد الغذائية في المدن الليبية وتجوب بعض الشاحنات الصغيرة الشوارع لبيع علب من الحليب المبستر والذي تهافت عليه المواطنون بشكل يوحي بأن المواطنين في ليبيا يعانون من قلة التموين بمختلف المواد الغذائية، خاصة بعد أن تم تسجيل، خلال الأيام الماضية، شللا تاما في نشاط مختلف المحلات التجارية، التي أغلقت أبوابها خوفا من مهاجمات العصابات من جهة، وكذا لنفاد مخزونها من المواد الغذائية من جهة أخرى، بعد أن أنهكت الأخبار المنتشرة مع كل صبيحة أفكارهم، بشأن تزايد نشاط عصابات مجهولة، تستغل الظروف الأمنية غير المستقرة بنصب حواجز مزيفة ليلا وسط الطرقات المؤدية إلى مدن غدامس وغات وباقي المدن الليبية الجنوبية، للسطو على أموال وممتلكات العابرين من أصحاب المركبات، ليفرضوا بذلك حظر التجوال على المواطنين والتجار الذين أصبح ممنوع عليهم سلك الطرقات من أجل التزود بمختلف المواد الغذائية، بسبب هذه العصابات، فيما يعيش سكان مدينة غات الواقعة على بعد 1600 كلم جنوب العاصمة طرابلس أزمة حقيقية في التزود بالوقود ومختلف المواد الغذائية، واضطروا للاتصال بأقربائهم المقيمين في المناطق الحدودية الجزائرية لتزويدهم بكميات من المواد الغذائية الأساسية. وقد ظهر أن الأزمة في مختلف المدن الليبية تتجه نحو مأساة إنسانية حقيقية، خاصة بعد تجدد المواجهات بين الثوار والكتائب الأمنية التابعة للنظام وكذا المرتزقة الأفارقة، وصدور أنباء عن سيطرة القوات التابعة لنظام القذافي على الطرق والمعابر الحدودية والتي ظل نشاطها يزرع الرعب في أوساط المواطنين والتجار على حد سواء. وقد أبلغنا بعض التجار الليبيين بمدينتي غات وغدامس القريبة من الدبداب الحدودية، أنهم بصدد تحضير أنفسهم للسفر، خلال الساعات القادمة، إلى الأراضي الجزائرية، قصد اقتناء كميات من المواد الغذائية الضرورية لإنعاش رفوف متاجرهم، ومواجهة آثار الأزمة التي أخلت بمداخيلهم ومستوى معيشة الأهالي، آملين في ذات السياق أن تتفهم السلطات الجزائرية بالمراكز الحدودية الوضع وتسمح لهم بنقل كميات من المواد الغذائية إلى الأراضي الليبية.