تظاهر عشرات الآلاف من المحتجين وسط اليمن بمدينة تعز، أمس، بعد ثلاثة أيام من موجة العنف التي استخدمتها القوات الأمنية ضدهم وراح ضحيتها عشرات القتلى ومئات الجرحى. فيما شهدت مدينة عدن إصابة أربع طالبات برصاص قوات الأمن خلال مسيرة احتجاجية. تجمع المتظاهرون من كافة المديريات وسط المدينة، ليتوجهوا بعدها إلى ساحة الحرية، منددين بسياسة السلطات اليمنية القمعية، ومطالبين بمحاكمة محافظ المدينة ومدير الأمن وغيرهما من المتورطين في مجازر الثلاثة أيام الماضية من قبل قوات الأمن. وراقبت قوات الحرس الجمهوري ومكافحة الشغب التابع لقوات الأمن المركزي المنتشرة بشكل مكثف، المتظاهرين المرور دون اعتراضهم، وركز انتشار المصفحات والدوريات العسكرية قرب مقر رئاسة الجمهورية والمنشآت الحكومية، خوفا من سقوطها أمام غضب المحتجين المطالبين برحيل صالح، رافضين أي مبادرة تمدد له. ولوحظ إقفال كافة المحلات التجارية وبعض المؤسسات الحكومية، منها المدارس وتوقف الحركة، معلنين شبه عصيان مدني في مدينة تعز، التي تعد أول محافظة تطلق شرارة الاحتجاجات واعتصامهم مطلع فيفري لتلحقها بقية المدن، منها العاصمة صنعاء التي تتوسع بها خيم الاعتصام بمساحة التغيير، مع الخروج عصرا يوميا في مظاهرات. وقد تسبب تزايد الخيم في حدوث ازدحام كبير في حركة المرور. وفي محافظة عدن أصيبت أربع طالبات من كلية الطب، أثناء تفريق قوات الأمن لمسيرة طلابية، بالرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع. وقالت مصادر محلية يمنية إن مسيرة سلمية خرجت من جوار جامعة عدن متجهة إلى ساحة العروض، تستنكر بمجازر الرئيس صالح في مدينتي تعز والحديدة، ومطالبين بسرعة رحيله ومحاكمته على الجرائم التي ارتكبها في حق الشعب. كما تواصل السلطات اليمنية حملات الاعتقالات في معظم المدن التي تشهد احتجاجات ومظاهرات، حيث اعتقلت عشرة ناشطين سياسيين بالقرب من ساحة الاعتصام بمديرية كريتر محافظة عدن، أثناء خروجهم من ساحة الاعتصام، ما تسبب في حدوث توتر بالمنطقة، ليقوم المئات من الناشطين الحقوقيين والمحتجين بإغلاق الطرقات احتجاجا على الاعتقالات وقمع المعتصمين. ومن جهته، طالب مركز الدراسات اليمني والإعلام الاقتصادي القطاع الخاص، ممثلا في الاتحاد العام للغرف التجارية ونادي رجال الأعمال، باتخاذ قرارات عاجلة لبدء الإضراب الشامل للضغط على الرئيس صالح للتنحي دون إراقة مزيد من الدماء، مع الحرص على توفير المواد الغذائية الأساسية للمواطنين. وتصاعدت التنديدات الدولية من منظمات حقوقية المستنكرة لاستخدام العنف ضد المحتجين، حيث طالبت منظمة العفو الدولية المجتمع الدولي للقيام بدور أكثر فعالية، ليتسنى لليمنيين محاسبة مرتكبي عمليات القتل التي اقترفت خلال الأسابيع الأخيرة. ودعت المنظمة السلطات اليمنية إلى الاعتراف بأنها تحتاج لمساعدة المجتمع الدولي على إجراء تحقيقات، من شأنها أن تكشف النقاب عن الحقيقة الكاملة بشأن عمليات القتل التي وقعت أثناء الاحتجاجات الأخيرة في البلاد. وقال فيليب لوثر ''إن اليمنيين بحاجة إلى إنشاء لجنة تحقيق مستقلة لإجراء تحقيقات في عمليات قتل وجرح المتظاهرين والمارة في الأسابيع الأخيرة''.