تكشف وثائق الملف الذي تحصلت عليه ''الخبر'' تفاصيل فضيحة تلاعب بعشرات المواطنين، من طرف مسؤولين على عدة مستويات سياسية ومحلية منحوا، قبل سنوات، قطعا أرضية لأنفسهم بأسماء مستعارة، ليعاد بيعها لمواطنين اعتقدوا أنهم تخلصوا من شبح أزمة السكن، من خلال بناء سكنات فردية. سرعان ما تبين للمستفيدين أن ما اشتروه بمئات الملايين ليس سوى هدية ''مسمومة''، لأن المقاييس ليست عمرانية وأن رخصة البناء حلم لن يتحقق، ليبقى الوضع على هذا الحال إلى غاية الساعة. ما يكشف وجه التحايل على المواطنين الذين اشتروا قطعا من مستفيدين هم في الأصل أسماء مستعارة لمسؤولين سابقين وحاليين، هو منحهم قطعا بموجب عقد بيع يحمل رقم الفهرس 387/1998 بين وكالة التنظيم والتسيير العقاري والتعاونية العقارية عبان رمضان في بلدية القبة، والمتضمن استفادة المتعاونين من 26 قطعة مساحتها تتراوح بين 200 و400 متر مربع. وتضمن العقد، الذي ورد في بنده المتعلق بأصل الملكية، أن القطعة الأرضية آلت إلى بلدية القبة ومساحتها 17 ألف متر مربع، وتم منحها للتعاونية العقارية المذكورة عن طريق وكالة التنظيم والتسيير العقاري. ومنحت بعدها للمستفيدين رخصة التجزئة الحاملة لرقم 06/99 والمؤرخة في 08/02/99 التي بموجبها يمكن الحصول فيما بعد على رخصة البناء الجماعية، وبعدها الرخص الفردية للمستفيدين، وكان يبدو للضحايا أن كل شيء على ما يرام، وانطلت عليهم الحيلة وصدقوا أن استفادتهم قانونية وموثقة، سيما أن رئيس بلدية القبة حينها، الذي يشغل منصب نائب رئيس المجلس الشعبي الوطني حاليا، منح للتعاونية شهادة التعمير التي تتضمن مقاييس وشروط إنجاز سكنات فردية، كما تضمنت شهادة التعمير تلك تحديد موضع المساحة الممنوحة في إطار مخطط شغل الأراضي. وكانت كل هذه الوثائق والخطوات توحي في الشكل بأنه لن يأتي يوم تنكشف فيه أن المساحة غير عمرانية ولن تمنح مديرية التعمير رخصة البناء. وعاش المستفيدون على الورق حلما سرعان ما تحول إلى كابوس. الصدمة كانت كبيرة على المستفيدين الذين اشتروا تلك القطع عن مستفيدين حقيقيين، عندما اتضح أن مديرية التعمير رفضت لاحقا، بتاريخ 26 ديسمبر 2005 تحت رقم 122 / م. ت. ع / 2005، منح رخصة البناء حسب قرار الرفض المبلغ للمستفيدين لاعتبارات تقنية، في مقدمتها أن مخطط شغل الأراضي حيث توجد المساحة لم يصادق عليه، وهو ما يتناقض مع شهادة التعمير التي وقعها رئيس البلدية من قبل، والمتضمنة أن المساحة المتنازل عنها مدرجة ضمن مخطط شغل الأراضي ''أي .''84 فمن الأصح.. قرار مديرية التعمير أم شهادة التعمير الممنوعة من طرف البلدية ؟ هذا السؤال الذي جعل المتعاونين يجزمون أنهم لم يكونوا سوى مستفيدين على الورق وأنهم وقعوا ضحية تلاعب، لا يدرون إن كان مقصودا أو غير مقصود. ليبقى وضعهم عالقا وأموالهم التي صرفوها لشراء تلك القطع في خبر كان؟